« فأنزل الله سكينته عليه (١) » قال السدي ومجاهد : فأول من رضياللهعنه ممن بايعه علي ، فعلم بما في قلبه من الصدق والوفاء.
ثم إن من حكم البيعة ما ذكره الله : « وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا (٢) وقال : « إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه (٣) » وإنما سميت بيعة لانها عقدت على بيع أنفسهم بالجنة ، للزومهم في الحرب إلى النصر ، وقال ابن عباس : أخذ النبي صلىاللهعليهوآله تحت شجرة السمرة بيعتهم على أن لا يفروا ، وليس أحد من الصحابة إلا نقض عهده في الظاهر بفعل أم بقول ، وقد ذمهم الله فقال في يوم الخندق : « ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الادبار (٤) » وفي يوم حنين « وضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين (٥) » ويوم احد « إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في اخراكم (٦) » وانهزم أبوبكر وعمر في يوم خيبر بالاجماع وعلي عليهالسلام في وفائه اتفاق ، فإنه لم يفرقط. وثبت مع رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى نزلت « رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه (٧) » ولم يقل كل المؤمنين « فمنهم من قضى نحبه » يعني حمزة وجعفر وعبيدة « ومنهم من ينتظر » يعني عليا.
ثم إن الله تعالى قال : « وأثابهم فتحا قريبا (٨) » يعني فتح خيبر ، وكان على يد علي بالاتفاق ، وقد وجدنا النكث في أكثرهم خاصة في الاول والثاني لما قصدوا في
____________________
(١) سورة التوبة : ٤٠.
(٢) سورة النحل : ٩١.
(٣) سورة الفتح : ١٠.
(٤) سورة الاحزاب : ١٥.
(٥) سورة التوبة : ٢٥.
(٦) سورة آل عمران : ١٥٣.
(٧) سورة الاحزاب : ٢٣ ، وما بعدها ذيلها.
(٨) سورة الفتح : ١٨.