في مضجعه أنتظر مجئ القوم إلي ، حتى دخلوا علي ، فلما استوى بي وبهم البيت نهضت إليهم بسيفي فدفعتهم عن نفسي بما قد علمه الناس ، فلما أصبح عليهالسلام امتنع ببأسه وله عشرون سنة ، وأقام بمكة وحده مراغما لاهلها (١) حتى أدى إلى كل ذي حق حقه.
محمد الواقدي وأبوالفرج النجدي وأبوالحسن البكري وإسحاق الطبراني أن عليا عليهالسلام لما عزم على الهجرة قال له العباس : إن محمدا ما خرج إلا خفياوقد طلبته قريش أشد طلب ، وأنت تخرج جهارا في أثاث (٢) وهوادج ومال ورجال ونساء تقطع بهم السباسب (٣) والشعاب من بين قبائل قريش ، ما أرى لك أن تمضي إلا في خفارة خزاعة (٤) ، فقال علي عليهالسلام :
إن المنية شربة مورودة |
|
لا تجزعن وشد للترحيل |
إن ابن آمنة النبي محمدا |
|
رجل صدوق قال عن جبريل |
أرخ الزمام ولا تخف من عائق |
|
فالله يرديهم عن التنكيل |
إني بربي واثق وبأحمد |
|
وسبيله متلاحق بسبيلي |
قالوا : فكمن مهلع غلام حنظلة بن أبي سفيان في طريقه بالليل ، فلما رآه سل سيفه ونهض إليه ، فصاح علي صيحة خر على وجهه ، وجلله بسيفه ، فلما أصبح توجه نحو المدينة ، فلما شارف ضجنان (٥) أدركه الطلب بثمانية فوارس ، وقالوا : يا غدر ظننت أنك تاج بالنسوة ، القصة.
وكان الله تعالى قد فرض على الصحابة الهجرة وعلى علي عليهالسلام المبيت ثم الهجرة ، إنه تعالى (٦) قد كان امتحنه بمثل ما امتحن به إبراهيم بإسماعيل وعبدالمطلب بعبدالله
____________________
(١) اى مغاضبا لاهلها.
(٢) في المصدر و (د) في اناث.
(٣) السبب : المفازة. الارض البعيدة المستوية.
(٤) خفره : أجاره وحماه وامنه.
(٥) ضجنان بالتحريك جبل بتهامة. وقيل : جبل على بريد من مكة.
(٦) في المصدر و (د) و (ت) ثم انه تعالى.