ثم إن التفدية كانت دأبه في الشعب ، فإن كان بات أبوبكر في الغار ثلاث ليال فإن عليا عليهالسلام بات على فراش النبي صلىاللهعليهوآله في الشعب ثلاث سنين ، وفي رواية : أربع سنين.
العكبري في فضائل الصحابة والفنجكردي (١) في سلوة الشيعة أن عليا عليهالسلام قال :
وقيت بنفسي خير من وطئ الحصى |
|
ومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر |
محمد لما خاف أن يمكروا به |
|
فوقاه ربي ذو الجلال من المكر |
وبت اراعيهم وما يلبثونني (٢) |
|
وقد صبرت نفسي على القتل والاسر |
وبات رسول الله في الغار آمنا |
|
وذلك في حفظ الاله وفي ستر |
أردت به نظر الاله تبتلا (٣) |
|
وأضمرته حتى اوسد في قبري |
وكلما كانت المحنة أغلظ كان الاجر أعظم وأدل على شدة الاخلاص وقوة البصرة والفارس يمكنه الكر والفر والروغان (٤) والجولان والراجل قد ارتبط روحه وأوثق نفسه وبدنه (٥) محتسبا صابرا على مكروه الجراح وفراق المحبوب ، فكيف النائم على الفراش بين الثياب والرياش (٦)؟.
أقول : أوردنا أكثر أخبار هذا الباب في باب أنه نزل فيه عليهالسلام « ومن الناس من يشري » وفي باب الهجرة.
وقال عبدالحميد بن أبي الحديد في شرح قول أميرالمؤمنين صلوات الله عليه : « فلا تبرؤوا مني فإني ولدت على الفطرة وسبقت إلى الايمان والهجرة (٧) » فإن قيل : كيف
____________________
(١) هو الشيخ ابوالحسن على بن أحمد النيسابورى الاديب الفاضل ، جمع أشعار اميرالمؤمنين عليهالسلام ، توفى سنة ٥١٢.
(٢) في المصدر : وما يلبثون بى. وما يثبتون بى خ ل.
(٣) كذا في النسخ ، وفي المصدر : أردت به نصر الاله تبتلا.
(٤) راغ الرجل عن الطريق : حاد عنه وذهب هكذا وهكذا مكرا وخديعة.
(٥) في المصدر (والحج بدنه) أى ألجأه.
(٦) مناقب آل أبى طالب ١ : ٢٧٧ ٢٨٢.
(٧) لعله اراد عليهالسلام الهجرة من ذويه إلى ملازمة النبى صلىاللهعليهوآله او أنه اول من هاجر من المدينة إلى رسول الله (ب).