فما اختار لنفسه أحدا غيري ، ولقد قال لي : « أنت أخي وأنا أخوك في الدنيا والآخرة » ولقد أخرج الناس وتركني ، ولقد قال لي : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي (١) ».
٣ ـ ومن الكتاب المذكور عن عبدالله بن لهيعة ، عن جرير بن عبدالله ، عن أبي الرحم عن عبدالله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال في مرضه : ادعوا لي أخي عليا ، فدعي له علي ، فستره بثوبه وأكب عليه ، فلما خرج من عنده قيل له : ما قال لك؟ قال : علمني ألف باب يفتح من كل باب ألف باب (٢).
أقول : قال السيد المرتضى قدس الله روحه في كتاب الشافي : النصر من النبي صلىاللهعليهوآله على ضربين : منه ما يدل بلفظه وصريحه على الامامة. ومنه ما يدل فعلا كان أو قولا عليها بضرب من الترتيب والترسل (٣) ، وقد بينا أن كل أمر وقع منه صلىاللهعليهوآله من قول أو فعل يدل على تميز أميرالمؤمنين عليهالسلام من الجماعة ، واختصاصه من الرتب (٤) والمنازل السامية بما ليس لهم ، فهو دال على النص بالامامة من حيث كان دالا على عظم منزلته وقوة فضله ، والامامة هي أعلى منازل الدين بعد النبوة ، فمن كان أفضل في الدين وأعظم قدرا وأثبت صدقا (٥) في منازله فهو أولى بها ، وكان من دل على ذلك من حاله قد دل على إمامته ، ويبين ذلك أن بعض الملوك لو تابع بين أقوال وأفعال طول عمره وولايته بما يدل في بعض أصحابه على فضل شديد واختصاص وكيد وقرب منه في المودة والنصرة (٦) لكان ذلك عند ذوي العادات بهذه الافعال مرشحا له لاعلى المنازل بعده (٧) ، وكالدال على استحقاقه لافضل الرتب ، وربما كانت دلالة هذه الافعال أقوى من دلالة الاقوال لان الاقوال يدخلها المجاز الذي لا يدخل هذه الافعال وقد دللنا على أن الامام لابد
____________________
(١ و ٢) مخطوط.
(٣) في المصدر : والتنزيل.
(٤) في المصدر : من الرتب العالية.
(٥) في المصدر : وأعظم قدرا فيه واثبت قدما.
(٦) في المصدر : في المودة والنصرة والمخالصة.
(٧) في المصدر : مرشحا له لهؤلاء لا على المنازل بعده.