الأمر النفسي الضمني إنما طرأ عليه من ناحية كونه محصّلا للعنوان المنتزع أعني تقيد المأمور به ، بخلاف الجزء فانه يكون مأمورا به نفسيا ضمنيا من جهتين ، إحداهما هذه أعني كونه محصّلا لتقيد الجزء الآخر به ، والأخرى كونه بذاته مطلوبا نفسيا ضمنيا.
وهذه التمحلات كلها إنما نشأت من صرف الأمر بالعنوان المنتزع أعني التقيد لكونه غير مقدور إلى ما هو منشأ انتزاعه أعني ذات القيد أعني ذات الشرط.
ويمكن أن يقال : إن التقيد وإن لم يكن بالنسبة إلى نفس القيد من العناوين الثانوية نظير الاحراق والالقاء ، إلاّ أنه من قبيل المسببات المباينة لأسبابها ، وهذه المسببات لعدم دخولها تحت إرادة الفاعل قد نقول إنه يمتنع تعلق الأمر بها ، فلا بد من صرف الأمر النفسي المتعلق بها صورة إلى أسبابها ، إلاّ أنه قد تقدم في ص ١٨٥ (١) ما حاصله أنه لا مانع من تعلق الأمر بها ، لكونها مقدورة بالواسطة أعني القدرة على أسبابها ، فتتعلق بها إرادة الفاعل ، وعن إرادتها تنشأ منه إرادة تتعلق بسببها ، وبناء على ذلك نقول إن المأمور به النفسي الضمني هو نفس التقيد ، ولكن ينشأ عن هذا الأمر الضمني النفسي أمر غيري متعلق بسببه الذي هو نفس القيد.
ثم لا يخفى أن الالتزام بصرف الأمر النفسي إلى القيد لا يدفع الاشكال السابق الذي أشار إليه بقوله : وحينئذ فيسأل عن أن هذه الاضافات عند تأخر الشرائط هل توجد قبل تحقق الشرائط أو عند تحققها ، وعلى الأول يلزم وجود الأمر الانتزاعي قبل وجود منشأ انتزاعه ، وعلى الثاني يلزم
__________________
(١) حسب الطبعة القديمة غير المحشاة ، راجع أجود التقريرات ١ : ٣١٩ من الطبعة الحديثة.