نقصان التكليف ، فان التكليف التام يكون متكفلا بطرد جميع أعدام متعلق ذلك التكليف ، وهذا لا يجتمع مع التكليف بالضد الآخر ، بخلاف ما لو كان التكليف ناقصا غير متعرض لسد باب العدم من ناحية وجود الضد الآخر فانه لا مانع من توجهه مع التكليف بالضد الآخر بالنحو المسطور ، وبعد توجه كلا التكليفين فالعقل يتصرف في كل منهما ويحكم بنقصان كل منهما عن الاقتضاء التام إن كانا متساويين ، وإلاّ حكم العقل بتمامية التكليف بالأهم ونقصان التكليف بالمهم ، وتمامية الأهم لا تدافع التكليف الناقص المتعلق بالمهم ، لأنها إنما تسد باب عدم الأهم ولو من ناحية الاتيان بالمهم ، فهي تطرد عدم الأهم الآتي من ناحية وجود المهم ، والتكليف الناقص المتعلق بالمهم لمّا لم يكن مقتضيا لحفظ المهم وسد عدمه من ناحية وجود الأهم لم يكن مقتضيا لطرد عدمه الآتي من ناحية وجود الأهم ، فلم يكن ذلك التكليف الناقص المتعلق بالمهم مدافعا للتكليف التام المتعلق بالأهم في اقتضائه سد باب عدم الأهم من ناحية وجود المهم ، فان ذلك الأمر بالمهم لا يقتضي فتح باب ذلك العدم كي يتدافعا فيه.
ويمكن التأمل فيه : بأنه لا معنى لنقصان نفس الطلب ، لما حقق في محله (١) بأنه مرتبة بسيطة غير قابلة للكمال والنقصان ولا للشدة والضعف. نعم يمكن تصوير ذلك النقصان من الطلب بالحاقه بالحكم بجواز الترك بالاشتغال بالضد الآخر ، نظير ما تصورنا الطلب الاستحبابي باقترانه بالحكم بجواز الترك ، وحينئذ يكون الحاصل في صورة التساوي أن كلا منهما مطلوب ، وأن العقل حاكم بجواز ترك كل منهما بالاشتغال بالآخر ، وفي
__________________
(١) راجع أجود التقريرات ١ : ١٤٣ ـ ١٤٤ ، وراجع حاشية المصنّف قدسسره في المجلّد الأول من هذا الكتاب ، الصفحة : ٣٤٩ وما بعدها.