صورة الاختلاف يكون العقل حاكما ببقاء الأمر بالأهم بحاله ، ويكون حكم العقل بجواز الترك منحصرا بالتكليف بالمهم ، بمعنى أن العقل يحكم بأنه يجوز تركه بشرط اشتغاله بامتثال الأهم ، وهذا عبارة اخرى عما أفاده شيخنا قدسسره من كونه مشروطا بعدم امتثال الأمر بالأهم.
اللهم إلاّ أن يقال : إن الحكم العقلي على الخطاب بجواز المخالفة عند امتثال الآخر لا يكون راجعا إلى اشتراط الخطاب بعدم ذلك الامتثال ، لأن اشتراط الخطاب بذلك موجب لعدم تحقق الخطاب عند امتثال الآخر ، وهذا بخلاف الحكم العقلي على ذلك الطلب ونقصانه وأنه تجوز مخالفته عند الاشتغال بامتثال الآخر ، فان ذلك المقدار من الطلب يكون ثابتا ومتحققا ولو عند الاشتغال بامتثال الآخر.
ولكن لا يخفى أنه لو سلّم جميع ذلك كان حاصله هو حكم العقل بالتخيير ، وأن نتيجة ذلك التخيير العقلي هو حكمه على كل من الخطابين بجواز المخالفة عند الاشتغال بالآخر ، وقد تقدم البحث عن ذلك وأن نتيجة الأمرين هل هي التخيير العقلي أو هي تقييد كل منهما بعدم الاتيان بمتعلق الآخر ، فراجع وتأمل.
قال قدسسره في مقالته : فان قلت كيف لم يكن حينئذ المطاردة بينهما مع أن الطلب التام في الطرف الآخر يطرد الأمر الناقص بمقتضاه ، وإن لم يكن الأمر الناقص يطرد التام ، لأنّ مقتضاه حفظ الوجود من سائر الجهات غير ما يلازم وجود غيره.
قلت : بعد ما اعترفت أن مقتضى الطلب الناقص حفظ سائر الجهات في ظرف انسداد الباب الملازم لوجود الضد ، كيف يقتضي الطلب التام طرد هذا المقتضى ، إذ نتيجة طرده منع انسداد تلك الجهة ، وفي ظرفه