الضدين اللذين لا ثالث لهما ، فان الأمر بأحدهما كالحركة وإن كان هو عين الأمر بترك ترك الحركة ، إلاّ أن ترك الحركة ليس هو نفس السكون كي يكون ذلك موجبا لكون السكون مطلوب الترك فيفسد لو كان عبادة. نعم إن ترك الحركة ملازم للسكون فلا يكون ترك ترك الحركة عين ترك السكون كي يكون طلب ترك ترك الحركة عين طلب ترك السكون ، وقد تقرر في محله (١) أن حكم الشيء لا يسري إلى ملازمه.
ومنه يظهر لك الحال في الضدين اللذين لهما ثالث لو اريد أحد الأضداد الوجودية ، فان كلي أحد الأضداد ليس هو عين ترك الضد المأمور به بل هو ملازم له ، وقد عرفت أن الحكم لا يسري من الشيء إلى ملازمه ، هذا. مضافا إلى أن مفهوم أحد الأضداد ليس هو عين كل واحد منها كي يقال إنه لو كان مطلوب الترك لكان كل واحد مطلوب الترك.
قوله : بتقريب أن عدم العدم وإن كان مغايرا للوجود مفهوما إلا أنه عينه خارجا ، لما عرفت سابقا ... إلخ (٢).
قبل الشروع في هذه المسألة أعني كون الأمر بالشيء مقتضيا للنهي عن ضده العام بمعنى الترك ينبغي تقديم مقدمتين : الأولى راجعة إلى شرح حقيقة الوجوب ، وقد تقدم في أول الأوامر (٣) أنه بسيط لا تركيب فيه ، وإنما التركيب في ناحية الاستحباب وأنه طلب الفعل مع تجويز الترك ، أما الوجوب فيكفي فيه صرف الطلب عاريا من انضمام تجويز الترك ، لا أنه عبارة عن طلب الفعل مع المنع من الترك.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٧.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٦.
(٣) في صفحة : ٣٤٩ وما بعدها من المجلّد الأول من هذا الكتاب.