على أنه لم يبق كذلك ، قيل : ولعله عدل عن أن يقول : « يا من كان عندنا من ذوي الالباب » إشعارا بأنه معدود في الحال أيضا عند الناس منهم. وأعذر : أبدى عذرا والهوادة : الرخصة والسكون والمحاباة. قوله : « بإرادة » أي بمراد. والازاحة : الازالة والابعاد. وقال الجزري : إن العرب كان يسيرون في ظعنهم ، فإذا مروا ببقعة من الارض فيه كلا وعشب قال قائلهم : ألا ضحوا رويدا ، أي ارفقوابالابل حتى تتضحى أي تنال من هذا المرعى ، ومنه كتاب علي عليهالسلام إلى ابن عباس « ألاضح رويدا فقد بلغت المدى » أي اصبر قليلا (١).
وقال البيضاوي في قوله تعالى : « ولات حين مناص » أي ليس الحين حين مناص و « لا » هي المشبهة بليس ، زيدت عليه تاء التأنيث للتأكيد. كما زيدت على رب وثم ، وخصت بلزوم الاحيان وحذف أحد المعمولين ، وقيل : هي النافية للجنس ، أي ولا حين مناص لهم ، وقيل : للفعل ، والنصب بإضماره ، أي ولا أرى حين مناص ، إلى آخر ما حقق في ذلك (٢) ، والمناص : المنجى.
أقول : قال عبدالحميد بن بن أبي الحديد : اختلف الناس في المكتوب إليه هذا الكتاب ، فقال الاكثرون : إنه عبدالله بن العباس كما تدل عليه عبارات الكتاب وقد روى أرباب هذا القول : أن عبدالله بن العباس كتب إلى علي عليهالسلام جوابا عن هذا الكتاب ، قالوا : وكان جوابه :
أما بعد فقد أتاني كتابك تعظم علي ما أصبت من بيت مال البصرة ، ولعمري إن حقي في بيت المال لاكثر مما أخذت والسلام.
قالوا : فكتب إليه علي عليهالسلام أما بعد فإن من العجب أن تزين لك نفسك أن لك في بيت مال المسلمين من الحق أكثر مما لرجل (٣) من المسلمين! فقد أفلحت لقد كان (٤) تمنيك الباطل وادعاؤك مالا يكون ينجيك عن المآثم ويحل
____________________
(١) النهاية ٣ : ١٣ و ١٤.
(٢) تفسير البيضاوى ٢ : ١٣٧.
(٣) في المصدر : لرجل واحد اه.
(٤) في المصدر : إن كان.