هاتان ـ ومد رجليه وكشف عن ساقيه ـ فإنك زعمت أني أحتاج أن أرفق (١) ببدني في حمل ما أحمل عليه لئلا ينقصف الساقان ، وأنا أدلك أن طب الله عزوجل خلاف طبك ، وضرب بيده إلى اسطوانة خشب غليظة (٢) على رأسها سطح مجلسه الذي هو فيه ، و ( في ) فوقه حجرتان إحداهما فوق الآخر ، وحركها أو احتملها (٣) فارتفع السطح والحيطان وفوقهما الغرفتان ، فغشي على اليوناني ، فقال أميرالمؤمنين عليهالسلام : صبوا عليه ماء (٤) فأفاق وهو يقول : والله ما رأيت كاليوم عجبا ، فقال له علي عليهالسلام : هذه قوة الساقين الدقيقين واحتمالهما في طبك هذا يا يوناني!.
فقال اليوناني : أمثلك كان محمدا صلىاللهعليهوآله؟ فقال علي عليهالسلام:فهل علمي إلا من علمه وعقلي إلا من عقله وقوتي إلا من قوته؟ لقد أتاه ثقفي كان أطب العرب فقال له : إن كان بك جنون داويتك! فقال له محمد صلىاللهعليهوآله : أتحب أن اريك آية تعلم بها غناي عن طبك وحاجتك إلى طبي؟ قال : نعم ، قال : أي آية تريد؟ قال : تدعو ذلك العذق ـ وأشار إلى نخلة سحوق ـ فدعاها فانقلع أصلها من الارض وهي تخد في الارض خدا (٥) ، حتى وقفت بين يديه ، فقال له : أكفاك؟ قال : لا ، قال : فتريد ماذا؟ قال : تأمرها أن ترجع إلى حيث جاءت (٦) وتستقر في مقرها الذي انقلعت منه ، فأمرها فرجعت واستقرت في مقرها.
فقال اليوناني لاميرالمؤمنين عليهالسلام : هذا الذي تذكره عن محمد صلىاللهعليهوآله غائب عني ، وأنا أقتصر منك على أقل من ذلك ، أنا أتباعد عنك فادعني وأنا لا أختار الاجابة ، فإن جئت بي إليك فهي آية ، فقال أميرالمؤمنين عليهالسلام : هذا إنما يكون
____________________
(١) في المصدرين : احتاج إلى أن ارفق.
(٢) في المصدرين : عظيمة.
(٣) في المصدرين : واحتملها.
(٤) في المصدرين بعد ذلك : فصبوا عليه ماءا.
(٥) خد الارض : شقها وأثرفيها.
(٦) في المصدرين : حيث جاءت منه.