آية لك وحدك لانك تعلم من نفسك أنك لم ترد وأني أزلت اختيارك من غير أن باشرت مني شيئا أو ممن أمرته بأن يباشرك أو ممن قصد إلي ذلك ، وإن (١) لم آمره إلا ما يكون من قدرة الله القاهر ، وأنت يوناني (٢) يمكنك أن تدعي ويمكن غيرك أن يقول : أني قد واطأتك على ذلك ، فاقترح إن كنت مقترحا ما هو آية لجميع العالمين ، قال له اليوناني : إذ جعلت الاقتراح إلي فأنا أقترح أن تفصل أجزاء تلك النخلة وتفرقها وتباعد ما بينها ثم تجمعها وتعيدها كما كانت ، فقال علي عليهالسلام : هذه آية وأنت رسولي إليها ـ يعني إلى النخلة ـ فقل لها : إن وصي محمد رسول الله صلىاللهعليهوآله يأمر أجزاءك أن تتفرق وتتباعد ، فذهب فقال لها ، فتفاصلت وتهافتت و تبترت (٣) وتصاغرت أجزاؤها ، حتى لم تر عين ولا أثر ، حتى كأن لم يكن هناك نخلة قط ، فارتعدت فرائص اليوناني وقال : ياوصي محمد قد أعطيتني اقتراحي الاول فأعطني الآخر ، فأمرها أن تجتمع وتعود كماكانت ، فقال : أنت رسولي إليها بعد (٤) فقل لها : يا أجزاء النخلة إن وصي محمد رسول الله صلىاللهعليهوآله يأمرك أن تجتمعي وكما كنت تعودي. فنادى اليوناني فقال ذلك فارتفعت في الهواء كهيئة الهباء المنثور ، ثم جعلت تجتمع جزء جزء منها حتى تصور لها القضبان والاوراق والاصول والسعف والشماريخ والاعذاق (٥) ثم تألفت وتجمعت واستطالت وعرضت واستقل (٦) أصلها في مقرها ، وتمكن عليها ساقها ، وتركب على الساق قضبانها ، وعلى القضبان أوراقها ، وفي أمكنتها أعذاقها ، وقد كانت في الابتداء شماريخها متجردة (٧) لبعدها
____________________
(١) في تفسير الامام : وانى.
(٢) في المصدرين : يايونانى.
(٣) أى تقطعت وفى الاحتجاج : وتنثرت.
(٤) في المصدرين : فعد.
(٥) السعف : جريد النخل. الشمروخ : العذق عليه بسر أو عنب. وعذق النخل كالعنقود من العنب.
(٦) في المصدرين : واستقر.
(٧) في الاحتجاج : متفردة. وفي التفسير : مجردة.