يثبتوا أن الغيبة ليس فيها وجه قبح لان مع ثبوت وجه القبح تقبح الغيبة وإن ثبت فيها وجه حسن كما نقول في قبح تكليف مالا يطاق أن فيه وجه قبح وإن كان فيه وجه حسن بأن يكون لطفا لغيره.
والثاني أن الغيبة تنقض طريق وجوب الامامة في كل زمان لان كون الناس مع رئيس مهيب متصرف أبعد من القبيح لو اقتضى كونه لطفا واجبا في كل حال وقبح التكليف مع فقده لانتقض بزمان الغيبة لانا في زمان الغيبة نكون مع رئيس هذه سبيله أبعد من القبيح وهو دليل وجوب هذه الرئاسة ، ولم يجب وجود رئيس هذه صفته في زمان الغيبة ولا قبح التكليف مع فقده ، فقد وجد الدليل ولا مدلول وهذا نقض الدليل.
والثالث أن يقال : إن الفائدة بالامامة هي كونه مبعدا من القبيح على قولكم وذلك لايحصل مع وجوده غائبا فلم ينفصل وجوده من عدمه ، وإذا لم يختص وجوده غائبا بوجه الوجوب الذي ذكروه لم يقتض دليلهم وجوب وجوده مع الغيبة ، فدليلكم مع أنه منتقض حيث وجد مع انبساط اليد ولم يجب انبساط اليد مع الغيبة فهو غير متعلق بوجود إمام غير منبسط اليد ، ولا هو حاصل في هذه الحال.
الكلام عليه أن نقول :
أما الفصل الاول من قوله : « إنا نلزم الامامية أن يكون في الغيبة وجه قبح » وعيد منه محض لايقترن به حجة فكان ينبغي أن يبين وجه القبح الذي أراد إلزامه إياهم لننظر فيه ولم يفعل فلا يتوجه وعيده وإن قال ذلك سائلا على وجه « ما أنكرتم أن يكون فيها وجه قبح » فانا نقول وجوه القبح معقولة من كون الشئ ظلما وعبئا وكذبا ومفسدة وجهلا وليس شئ من ذلك موجودا ههنا فعلمنا بذلك انتفاء وجود القبح.
فان قيل : وجه القبح أنه لم يزح علة المكلف على قولكم لان انبساط يده الذي هو لطف في الحقيقة والخوف من تأديبه لم يحصل فصار ذلك إخلالا بلطف المكلف فقبح لاجله.