ومع هذا لا يقول أحد إن وجوب نصب الرئيس سقط الآن من حيث لم يقع التمكين منه ، فجوابنا في غيبة الامام جوابهم في منع أهل الحل والعقد من اختيار من يصلح لامامة ولا فرق بينهما فانما الخلاف بيننا أنا قلنا علمنا ذلك عقلا وقالوا ذلك معلوم شرعا وذلك فرق من غير موضع الجمع.
فان قيل : أهل الحل والعقد إذا لم يتمكنوا من اختيار من يصلح للامامة فإن الله يفعل مايقوم مقام ذلك من الالطاف فلا يجب إسقاط التكليف وفي الشيوخ من قال إن الامام يجب نصبه في الشرع لمصالح دنياوية وذلك غير واجب أن يفعل لها اللطف.
قلنا : أما من قال نصب الامام لمصالح دنياوية قوله يفسد لانه لو كان كذلك لما وجب إمامته ولا خلاف بينهم في أنه يجب إقامة الامامة مع الاختيار على أن ما يقوم به الامام من الجهاد وتولية الامراء والقضاء ، وقسمة الفئ ، واستيفاء الحدود والقصاصات امور دينية لايجوز تركها ، ولو كان لمصلحة دنياوية لما وجب ذلك فقوله ساقط بذلك وأما من قال : يفعل الله مايقوم مقامه باطل لانه لو كان كذلك لما وجب عليه إقامة الامام مطلقا على كل حال ولكان يكون ذلك من باب التخيير كما نقول في فروض الكفايات وفي علمنا بتعيين ذلك ووجوبه على كل حال دليل على فساد ما قالوه.
على أنه يلزم على الوجهين جميعا المعرفة بأن يقال : الكافر إذا لم يحصل له المعرفة يفعل الله له ما يقوم مقامها فلا يجب عليه المعرفة على كل حال أو يقال إنما يحصل من الانزجار عن فعل الظلم عند المعرفة أمر دنياوي لايجب لها المعرفة فيجب من ذلك إسقاط وجوب المعرفة ، ومتى قيل إنه لا بدل للمعرفة ، قلنا وكذلك لا بدل للامام ، على ما مضى وذكرناه في تلخيص الشافي ، وكذلك إن بينوا أن الانزجار من القبيح عند المعرفة أمر ديني قلنا مثل ذلك في وجود الامام سواء.
فان قيل : لايخلو وجود رئيس مطاع منبسط
اليد من أن يجب على الله جميع