فان قيل : إذا كان الخوف أحوجه إلى الاستتار ، فقد كان آباؤه عندكم على تقية وخوف من أعدائهم ، فكيف لم يستتروا؟ قلنا ما كان على آبائه عليهمالسلام خوف من أعدائه مع لزوم التقية ، والعدول عن التظاهر بالامامة ، ونفيها عن نفوسهم ، و إمام الزمان كل الخوف عليه لانه يظهر بالسيف ، ويدعو إلى نفسه ، ويجاهد من خالفه عليه ، فأي تشبه بين خوفه من الاعداء وخوف آبائه عليهمالسلام لولا قلة التأمل.
على أن آباءه عليهمالسلام متى قتلوا أو ماتوا كان هناك من يقوم مقامهم ، ويسد مسدهم يصلح للامامة من أولاده وصاحب الامر بالعكس من ذلك لان المعلوم أنه لايقوم أحد مقامه ولا يسد مسده ، فبان الفرق بين الامرين.
وقد بينا فيما تقدم الفرق بين وجوده غائبا لا يصل إليه أحد أو أكثر ، وبين عدمه حتى إذا كان المعلوم التمكن بالامر يوجده.
وكذلك قولهم : ما الفرق بين وجوده بحيث لايصل إليه أحد وبين وجوده في السماء بأن قلنا إذا كان موجودا في السماء بحيث لايخفى عليه أخبار أهل الارض فالسماء كالارض وإن كان يخفى عليه أمرهم فذلك يجري مجرى عدمه ، ثم يقلب عليهم في النبي صلىاللهعليهوآله بأن يقال : أي فرق بين وجوده مستترا وبين عدمه وكونه في السماء فأي شئ قالوه قلنا مثله على ما مضى القول فيه.
وليس لهم أن يفرقوا بين الامرين بأن النبي صلىاللهعليهوآله ما استتر من كل أحد وإنما استتر من أعدائه وإمام الزمان مستتر عن الجميع لانا أولا لانقطع على أنه مستتر عن جميع أوليائه والتجويز في هذا الباب كاف على أن النبي صلىاللهعليهوآله لما استتر في الغار كان مستترا من أوليائه وأعدائه ، ولم يكن معه إلا أبوبكر وحده وقد كان يجوز أن يستتر بحيث لايكون معه أحد من ولي ولا عدو إذا اقتضت المصلحة ذلك.
فان قيل : فالحدود في حال الغيبة
ماحكمها؟ فان سقطت عن الجاني على
مايوجبها الشرع فهذا نسخ الشريعة ، وإن كانت باقية فمن يقيمها؟ قلنا الحدود