وإذا علم أن أقوى العلل ماذكرناه علم أن التقصير واقع من جهته في صفات المعجز وشروطه ، فعليه معاودة النظر في ذلك عند ذلك ، وتخليصه من الشوائب ومايوجب الالتباس ، فانه من اجتهد في ذلك حق الاجتهاد ، ووفى النظر شروطه فانه لابد من وقوع العلم بالفرق بين الحق والباطل ، وهذه المواضع الانسان فيها على نفسه بصيرة ، وليس يمكن أن يؤمر فيها بأكثر من التناهي في الاجتهاد والبحث والفحص والاستسلام للحق وقد بينا أن هذا نظير ما نقول لمخالفينا إذا نظروا في أدلتنا ولم يحصل لهم العلم سواء.
فان قيل : لو كان الامر على ماقلتم لوجب أن لا يعلم شيئا من المعجزات في الحال وهذا يؤدي إلى أن لا يعلم النبوة وصدق الرسول وذلك يخرجه عن الاسلام فضلا عن الايمان.
قلنا : لايلزم ذلك لانه لايمتنع أن يدخل الشبهة في نوع من المعجزات دون نوع ، وليس إذا دخلت الشبهة في بعضها دخل في سائرها ، فلا يمتنع أن يكون المعجز الدال على النبوة لم يدخل عليه فيه شبهة ، فحصل له العلم بكونه معجزا وعلم عند ذلك نبوة النبي صلىاللهعليهوآله والمعجز الذي يظهر على يد الامام إذا ظهر يكون أمرا آخرا يجوز أن يدخل عليه الشبهة في كونه معجزا فيشك حينئذ في إمامته وإن كان عالما بالنبوة ، وهذا كما نقول أن من علم نبوة موسى عليهالسلام بالمعجزات الدالة على ثبوته إذا لم ينعم النظر في المعجزات الظاهرة على عيسى ونبينا محمد صلىاللهعليهوآله لا يجب أن يقطع على أنه ما عرف تلك المعجزات لانه لايمتنع أن يكون عارفا بها وبوجه دلالتها وإن لم يعلم هذه المعجزات واشتبه عليه وجه دلالتها.
فان قيل : فيجب على هذا أن يكون كل من لم يظهر له الامام يقطع على أنه على كبيرة تلحق بالكفر لانه مقصر على ما فرضتموه فيما يوجب غيبة الامام عنه ويقتضي فوت مصلحته ، فقد لحق الولي على هذا بالعدو.
قلنا : ليس يجب في التقصير الذي أشرنا
إليه أن يكون كفرا ولا ذنبا عظيما
لانه في هذه الحال ما اعتقد الامام أنه ليس بامام ولا أخافه على نفسه وإنما قصر