ذلك خارقا للعادة وإذا كان ماذكرناه معروفا كائنا كيف يمكن مع ذلك إنكار غيبة صاحب الزمان.
اللهم إلا أن يكون المخالف دهريا معطلا ينكر جميع ذلك ويحيله فلا نكلم معه في الغيبة بل ينتقل معه إلى الكلام في أصل التوحيد وأن ذلك مقدور وإنما نكلم في ذلك من أقر بالاسلام ، وجوز ذلك مقدورا لله ، فنبين لهم نظائره في العادات.
وأمثال ماقلناه كثيرة مما رواه أصحاب السير والتواريخ من ملوك فرس و غيبتهم عن أصحابهم مدة لايعرفون خبره ثم عودهم وظهورهم لضرب من التدبير و إن لم ينطق به القرآن فهو مذكور في التواريخ وكذلك جماعة من حكماء الروم والهند قد كانت لهم غيبات وأحوال خارجة عن العادات لانذكرها لان المخالف ربما جحدها على عادتهم جحد الاخبار وهو مذكور في التواريخ.
فان قيل : ادعاؤكم طول عمر صاحبكم أمر خارق للعادات مع بقائه على قولكم كامل العقل تام القوة والشباب لانه على قولكم له في هذا الوقت الذي هو سنة سبع وأربعين وأربعمائة مائة وإحدى وتسعون سنة لان مولده على قولكم سنة ست وخمسين ومائتين ولم تجر العادة بأن يبقى أحد من البشر هذه المدة فكيف انتقضت العادة فيه ، ولا يجوز انتقاضها إلا على يد الانبياء.
قلنا : الجواب عن ذلك من وجهين أحدهما
أن لا نسلم أن ذلك خارق لجميع
العادات ، بل العادات فيما تقدم قد جرت بمثلها وأكثر من ذلك ، وقد ذكرنا
بعضها كقصة الخضر عليهالسلام
وقصة أصحاب الكهف وغير ذلك ، وقد أخبر الله عن
نوح عليهالسلام
أنه لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما وأصحاب السير يقولون
أنه عاش أكثر من ذلك ، وإنما دعا قومه إلى الله هذه المدة المذكورة بعد أن
مضت عليه ستون من عمره ، وروى أصحاب الاخبار أن سلمان الفارسي لقي عيسى
ابن مريم وبقي إلى زمان نبينا صلىاللهعليهوآله
وخبره مشهور وأخبار المعمرين من العجم و
العرب معروفة مذكورة في الكتب والتواريخ وروى أصحاب الحديث أن الدجال