وأراد القشوري حمله وولده إلى بغداد إلى المقتدر فجاءه فقهاء أهل مكة فقالوا : أيد الله الاستاذ ، إنا روينا في الاخبار المأثورة عن السلف أن المعمر المغربي إذا دخل مدينة السلام افتتنت وخربت وزال الملك فلا تحمله ورده إلى المغرب فسألنا مشايخ أهل المغرب ومصر فقالوا : لم نزل نسمع من آبائنا ومشايخنا يذكرون اسم هذا الرجل واسم البلد الذي هو مقيم فيه طنجة وذكروا أنه كان يحدثهم بأحاديث قد ذكرنا بعضها في كتابنا هذا.
قال أبومحمد العلوي : فحدثنا هذا الشيخ أعني علي بن عثمان المغربي بدو خروجه من بلده من حضرموت وذكر أن أباه خرج هو وعمه وأخرجا به معهما يريدون الحج وزيارة النبي صلىاللهعليهوآله فخرجوا من بلادهم من حضرموت وسارو أياما ثم أخطاؤا الطريق وتاهوا عن المحجة فأقاموا تائهين ثلاثة أيام وثلاثة ليال على غير محجة فبينا هم كذلك إذ وقعوا في جبال رمل يقال له : رمل عالج يتصل برمل إرم ذات العماد فبينا نحن كذلك إذ نظرنا إلى أثر قدم طويل فجعلنا نسير على أثرها فأشرفنا على واد وإذا برجلين قاعدين على بئر أو على عين.
قال : فلما نظر إلينا قام أحدهما فأخذ دلوا فأدلاه فاستقى فيه من تلك العين أو البئر واستقبلنا فجاء إلى أبي فناوله الدلو ، فقال أبي : قد أمسينا ننيخ على هذا الماء ونفطر إنشاء الله فصار إلى عمي فقال : اشرب فرد عليه كما رد عليه أبي فناولني فقال لي : اشرب فشربت ، فقال لي : هنيئا لك فانك ستلقى علي بن أبي طالب عليهالسلام فأخبره أيها الغلام بخبرنا وقل له الخضر وإلياس يقرئانك [السلام] وستعمر حتى تلقى المهدي وعيسى بن مريم عليهماالسلام فاذا لقيتهما فأقرئهما السلام ثم قالا : ما يكون هذا منك فقلت : أبي وعمي فقالا : أما عمك فلا يبلغ مكة وأما أنت وأبوك فستبلغان ويموت أبوك فتعمر أنت ولستم تلحقون النبي صلىاللهعليهوآله لانه قد قرب أجله ثم مثلا (١).
فوالله ما أدري أين مرا أفي السماء أو في الارض فنظرنا وإذا لا أثر ولا عين
____________________
(١) أي قاما وذهبا. وفي نسخة كمال الدين المطبوعة « مرا ». راجع ج ٢ ص ٢٢٩.