بترك الكذب فان آفة المروءة الكذب والخلف ، لاتعلموا الناس إقتاركم فتهونوا وتخملوا ، وإياكم والغربة فانها ذلة ولا تضعوا الكرائم إلا عند الاكفاء ، وابتعوا بأنفسكم المعالي ، ولا يحتلجنكم جمال النساء عن الصحة ، فان نكاح الكرائم مدارج الشرف ، واخضعوا لقومكم ولا تبغوا عليهم لتنالوا المنافس ، ولا تخالفوهم فيما اجتمعوا عليه ، فان الخلاف يزري بالرجل المطاع ، وليكن معروفكم لغير قومكم بعدهم ، ولا توحشوا أفنيتكم من أهلها فإن إيحاشها إخماد النار و دفع الحقوق ، وارفضوا النمائم بينكم تكونوا أعوانا عند الملمات تغلبوا ، واحذروا النجعة إلا في منفعة لاتصابوا ، وأكرموا الجار يخصب جنابكم ، وآثروا حق الضيف على أنفسكم ، والزموا مع السفهاء الحلم تقل همومكم.
وإياكم والفرقة فانها ذلة ولا تكلفوا أنفسكم فوق طاقتها إلا المضطر فانكم إن تلاموا عند إيضاح العذر وبكم قوة خير من أن تعانوا في الاضطرار منكم إليهم بالمعذرة ، وجدوا ولا تفرطوا فان الجد مانعة الضيم ، ولتكن كلمتكم واحدة تعزوا ويرهف حدكم ، ولا تبذلوا الوجوه لغير مكرمة فتخلقوها ، ولا تجشموا أهل الدناءة فتقصروا بها ، ولا تحاسدوا فتبوروا ، واجتنبوا البخل فانه داء وابنوا المعالي بالجود والادب ، ومصافات أهل الفضل والحياء ، وابتاعوا المحبة بالبذل ، ووقروا أهل الفضيلة ، وخذوا من أهل التجارب ، ولايمنعنكم من معروف صغره فان له ثوابا ، ولا تحقروا الرجال فتزدروها فانما المرء بأصغريه ذكاء قلبه ولسان يعبر عنه.
فاذا خوفتم داهية فاللبث قبل العجلة ، والتمسوا بالتودد المنزلة عند الملوك فانهم من وضعوه اتضع ، ومن رفعوه ارتفع ، وتبسلوا بالفعال تسم إليكم الابصار وتواضعوا بالوفاء وليحبكم ربكم. ثم قال :
وما كل ذي لب بمؤتيك نصحه |
|
ولا كل موف نصحه بلبيب |
ولكن إذا ما استجمعا عند واحد |
|
فحق له من طاعة بنصيب |
وحدثنا عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب ، عن أحمد بن محمد بن عبدالله بن