فاذا فيها أنا الريان بن دومغ خرجت في طلب علم النيل لاعلم فيضه ومنبعه إذا كنت (١) أرى مفيضه فخرجت ومعي ممن صحبت أربعة آلاف ألف رجل فسرت ثمانين سنة إلى أن انتهيت إلى الظلمات والبحر المحيط بالدنيا ، فرأيت النيل يقطع البحر المحيط ويعبر فيه ولم يكن لي منفذ وتماوت أصحابي وبقيت في أربعة آلاف رجل فخشيت على ملكي فرجعت إلى مصر وبنيت الاهرام والبراني وبنيت الهرمين وأودعتهما كنوزي وذخائري وقلت في ذلك شعرا :
وأدرك علمي بعض ماهو كائن |
|
ولا علم لي بالغيب والله أعلم |
وأتقنت ما حاولت إتقان صنعة |
|
وأحكمته والله أقوى وأحكم |
وحاولت علم النيل من بدء فيضه |
|
فأعجزني والمرء بالعجز ملجم |
ثمانين شاهورا قطعت مسايحا |
|
وحولي بنو حجر وجيش عرمرم |
إلى أن قطعت الجن والانس كلهم |
|
وعارضني لج من البحر مظلم |
فأتقنت أن لامنفذا بعد منزلي |
|
لذي همة بعدي ولا متقدم |
فابت إلى ملكي وأرسيت ناديا |
|
بمصر وللايام بؤس وأنعم |
أنا صاحب الاهرام في مصر كلها |
|
وباني برانيها بها والمقدم |
تركت بها آثار كفي وحكمتي |
|
على الدهر لاتبلى ولا تتهدم |
وفيها كنوز جمة وعجائب |
|
وللدهر إمر مرة وتهجم |
سيفتح أقفالي ويبدي عجائبي |
|
ولي لربي آخر الدهر ينجم |
بأكناف بيت الله تبدو اموره |
|
ولابد أن يعلو ويسمو به السم |
ثمان وتسع واثنتان وأربع |
|
وتسعون اخرى من قتيل وملجم |
ومن بعد هذا كر تسعون تسعة |
|
وتلك البراني تستخر وتهدم |
وتبدى كنوزي كلها غير أنني |
|
أرى كل هذا أن يفرقها الدم |
رمزت مقالي في صخور قطعتها |
|
ستبقى وأفنى بعدها ثم اعدم (٢) |
____________________
(١) لست خ ل.
(٢) في المصدر المطبوع : « زبرت مقالي » راجع ج ٢ ص ٢٥٠.