وعاش عاد بن شداد اليربوعي مائة وخمسين سنة.
وعاش أكثم بن صيفي أحد بني أسد بن عمرو بن تميم ثلاث مائة سنة وقال بعضهم : مائة وتسعين سنة وأدرك الاسلام واختلف في إسلامه إلا أن أكثرهم لايشك في أنه لم يسلم فقال في ذلك :
وإن امرءا قد عاش تسعين حجة |
|
إلى مائة لم يسأم العيش جاهل |
خلت مائتان غير ست وأربع |
|
وذلك من عد الليالي قلائل |
وقال محمد بن سلمة : أقبل أكثم يريد الاسلام فقتله ابنه عطشا فسمعت أن هذه الآية نزلت فيه « ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله » (١) ولم تكن العرب تقدم عليه أحدا في الحكمة وأنه لما سمع برسول الله صلىاللهعليهوآله بعث إليه ابنه حبيشا فقال : يابني إني أعظك بكلمات فخذهن من حين تخرج من عندي إلى أن ترجع إلي ، ائت نصيبك في شهر رجب فلا تستحله فيستحل منك فان الحرام ليس يحرم نفسه وإنما يحرمه أهله ولا تمرن بقوم إلا تنزل عند أعزهم وأحدث عقدا مع شريفهم وإياك والذليل فانه هو أذل نفسه ولو أعزها لاعزه قومه.
فإذا قدمت على هذا الرجل فاني قد عرفته وعرفت نسبه وفي في بيت قريش وهي [أعز] العرب وهو أحد رجلين إما ذو نفس أراد ملكا فخرج للملك بعزه فوقره وشرفه وقم بين يديه ولا تجلس إلا بإذنه حيث يأمرك ويشير إليك فانه إن كان ذلك كان أدفع لشره عنك ، وأقرب لخيره منك ، وإن كان نبيا فان الله لايحب من يسوؤهم ، ولايبطر فيحتشم ، وإنما يأخذ الخيرة حيث يعلم لا يخطي فيستعتب إنما أمره على ماتحب وإن كان فستجد أمره كله صالحا ، وخبره كله صادقا ، وستجده متواضعا في نفسه متذللا لربه ، فذل له ولا تحدثن أمرا دوني فان الرسول إذا أحدث الامر من عنده خرج من يدي الذي أرسله ، واحفظ ما يقول لك إذا ردك إلي فانك ولو توهمت أو نسيت حتمتني رسولا غيرك.
____________________
(١) النساء : ٩٩.