عليك لم تدفعه بقوتك ، وسوء حمل الريبة تضع الشرف ، والحسد داء ليس له دواء ، والشماتة تعقب ومن بر قوما بر به والندامة (١) مع السفاهة ، ودعامة العقل الحلم ، وجماع الامر الصبر ، وخير الامور مغبة العفو ، وأبقى المودة حسن التعاهد ومن يز رغبا يزدد حبا.
وصية أكثم بن صيفى عند موته :
جمع أكثم بنيه عند موته فقال : يابني! إنه قد أتى علي دهر طويل وأنا مزودكم من نفسي قبل الممات ، اوصيكم [الله] بتقوى الله ، وصلة الرحم وعليكم بالبر فانه ينمى عليه العدد ، ولا يبيد عليه أصل ولا فرع وأنهاكم عن معصية الله ، وقطيعة الرحم ، فانه لايثبت عليها أصل ولا ينبت عليها فرع كفوا ألسنتكم فان مقتل الرجل بين فكيه ، إن قول الحق لم يدع لي صديقا.
انظروا أعناق الابل فلا تضعوها إلا في حقها فان فيها مهر الكريمة ، ورقوء الدم ، وإياكم ونكاح الحمقاء ، فان نكاحها قذر ، وولد ضياع ، الاقتصاد في السفر أبقى للجمام ، من لم يأس على مافاته أودع بدنه ، من قنع بما هو فيه قرت عينه ، التقدم قبل الندم ، أصبح عند رأس الامر أحب إلي من أن أصبح عند ذنبه (٢) لم يهلك من عرف قدره ، العجز عند البلاء آفة المتحمل ، لن يهلك من مالك ما وعظك ، ويل لعالم أمن من جاهل ، الوحشة ذهاب الاعلام ، يتشابه الامر إذا أقبل فاذا أدبر عرفه الكيس والاحمق ، والبطر عند الرخاء حمق ، وفي طلب المعالي يكون القرب ، لاتغضبوا من اليسير فانه يجتني الكثير ، لاتجيبوا عما لاتسألوه ولاتضحكوا مما لايضحك منه.
تباروا في الدنيا ولاتباغضوا ، الحسد في القرب فانه من يجتمع يتقعقع عمده لينفرد بعضهم من بعض في المودة ، لاتتكلموا على القرابة فتقاطعوا ، فان القريب
____________________
(١) في المصدر ج ٢ ص ٢٦٢ « واللؤمة ».
(٢) في المصدر ج ٢ ص ٢٦٢ : « من أصبح عند رأس الامر ، أحب إلى ممن أصبح عند ذنبه ».