مريم يملا الارض عدلا كما ملئت ظلما وجورا انجي به من الهلكة واهدي به من الضلالة وابرئ به الاعمى وأشفي به المريض.
فقلت : إلهي وسيدي متى يكون ذلك فأوحى الله عزوجل : يكون ذلك إذا رفع العلم وظهر الجهل وكثر القراء وقل العمل وكثر القتل وقل الفقهاء الهادون وكثر فقهاء الضلالة والخونة وكثر الشعراء واتخذ امتك قبورهم مساجد وحليت المصاحف وزخرفت المساجد وكثر الجور والفساد وظهر المنكر وأمر امتك به ونهى عن المعروف واكتفى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء وصار الامراء كفرة وأليائهم فجرة وأعوانهم ظلمة وذوو الرأي منهم فسقة وعند ذلك ثلاثة خسوف : خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب وخراب البصرة على يد رجل من ذريتك يتبعه الزنوج وخروج رجل من ولد الحسين بن علي وظهور الدجال يخرج من المشرق من سجستان وظهور السفياني فقلت : إلهي مايكون بعدي من الفتن؟ فأوحى الله إلي وأخبرني ببلاء بني امية لعنهم الله ومن فتنة ولد عمي وما هو كائن إلى يوم القيامة فأوصيت بذلك ابن عمي حين هبطت إلى الارض وأديت الرسالة ولله الحمد على ذلك كما حمده النبيون وكما حمده كل شئ قبلي وما هو خالقه إلى يوم القيامة.
بيان : قوله تعالى « فيما اختصم الملا الاعلى » إشارة إلى قوله تعالى « ما كان لي من علم بالملاء الاعلى إذ يختصمون » (١) والمشهور بين المفسرين أنه إشارة إلى قوله تعالى « إنى جاعل في الارض خليفة » (٢) وسؤال الملائكة في ذلك فلعله تعالى سأله أولا عن ذلك ثم أخبره به وبين أن الارض لاتخلو من حجة وخليفة ثم سأله عن خليفته وعين له الخلفاء بعده ولا يبعد أن يكون الملائكة سألوا في ذلك الوقت عن خليفة الرسول صلىاللهعليهوآله فأخبره الله بذلك وقد مضى في باب المعراج بعض القول في ذلك.
____________________
(١) ص : ٦٩.
(٢) البقرة : ٢٩.