يا أيها الناس إن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم ألا إن المؤمن يعمل بين مخافتين بين أجل قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه وبين أجل قد بقي لا يدري ما الله قاض فيه فليأخذ العبد المؤمن من نفسه لنفسه ومن دنياه لآخرته وفي الشبيبة قبل الكبر وفي الحياة قبل الممات فو الذي نفس محمد بيده ما بعد الدنيا من
______________________________________________________
« إن لكم معالم » في القاموس معلم الشيء كمقعد مظنته وما يستدل به ، وفي الصحاح المعلم الأثر يستدل به على الطريق والمراد هنا إما الآيات القرآنية لا سيما الآيات الدالة على إمامة أئمة الدين ووجوب متابعتهم ، أو كل ما يعلم منه حكم من أحكام الدين أصولا وفروعا من الكتاب والسنة ، بل البراهين القاطعة العقلية أيضا ، ويمكن شموله لكل ما يعتبر به من آيات الله في الآفاق والأنفس ، أو المراد بها أئمة الدين فإنها معالم الحلال والحرام والحكم والأحكام كما مر في الأخبار ، والنهاية بالكسر الغاية التي ينتهي إليها ، والمراد هنا إما الإمام بقرينة الأفراد إذ ليس في كل عصر إلا إمام واحد ، أو المراد نهاية كل شخص في القرب والكمال بحسب استعداده وقابليته ، وقيل : المستقر في الجنة والقرار في دار القرار ، وقيل : المراد به الأجل الموعود وهو بعيد.
قوله : بين أجل ، قد مضى المراد بالأجل هنا العمر ، وقيل : دل هذا على أن الخوف يطلق بالنسبة إلى ما مضى ، ولا يخفى وهنه لأن الخوف ليس من الأجل ، بل من العقوبة المترتبة على ما عمل في ما مضى من العمر ، فالخوف من المستقبل ، بل المعنى يعمل بين سبب مخافتين ، وقوله : لا يدري ما الله قاض فيه ، شامل للمصائب الدينية والدنيوية معا « فليأخذ العبد من نفسه لنفسه » يعني ليجتهد في الطاعة والعبادة ويروض نفسه بالأعمال الصالحة في أيام قلائل لراحة الأبد ، والنعيم المخلد ، ومن دنياه لآخرته بأن ينفق ما حصله في دنياه لتحصيل آخرته.
« وفي الشيبة قبل الكبر » كذا في بعض النسخ الشبيبة بالبائين كسفينة ، قال