ليوافق كل واحدة منكما اختها فيما أردت منكما « طوعا أو كرها » شئتما ذلك أو أبيتما ، أو المراد إظهار كمال قدرته ووجوب وقوع مراده لا إثبات الطوع و الكره لهما ، وهما مصدران وقعا موقع الحال. « قالتا أتينا طائعين » أي منقادين بالذات. والاظهر أن المراد تصوير تأثير قدرته فيهما وتأثرهما بالذات عنها و تمثيلها (١) بأمر المطاع وإجابة المطيع الطائع كقوله « كن فيكون » وما قيل أنه تعالى خاطبهما وأقدرهما على الجواب إنما يتصور على الوجه الاول والاخير وإنما قال « طائعين » على المعنى باعتبار كونهما مخاطبتين كقوله تعالى « ساجدين ».
وقال الطبرسي قدسسره : قال ابن عباس : أتت السماء بما فيها من الشمس والقمر والنجوم ، وأتت الارض بما فيها من الانهار والاشجار والثمار وليس هناك أمر بالقول حقيقة (٢) ولا جواب لذلك القول ، بل أخبر (٣) سبحانه عن اختراعه السماوات والارض وإنشائه لهما من غير تعذر ولا كلفة ولا مشقة بمنزلة ما يقال (٤) افعل فيفعل من غير تلبث ولا توقف ولا تأن (٥) فعبر عن ذلك بالامر والطاعة ، وهو كقوله « إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون » وإنما قال « أتينا طائعين » ولم يقل طائعتين لان المعنى : أتينا بمن فينا من العقلاء ، فغلب حكم العقلاء (٦). وقيل : إنه لما خوطبن خطاب من يعقل جمعن جمع من يعقل كما قال : « وكل في فلك يسبحون » (٧).
« فقضيهن سبع سماوات » قال البيضاوي : أي فخلقهن خلقا إبداعيا وأتقن
____________________
(١) في المصدر : وتمثيلهما.
(٢) في المصدر : على الحقيقة.
(٣) في المصدر : بل أخبر الله.
(٤) في المصدر : ما يقال للمأمور.
(٥) في المصدر : ليس لفظة « ولا تأن ».
(٦) في المصدر : عن قطرب.
(٧) مجمع البيان ، ج ٩ص٦.