جمعت روحيكما فجعلتهما واحدة ، فكانت تجمدني وتقدسني وتهللني ، ثم قسمتها ثنتين ، وقسمت الثنتين ثنتين ، فصارت أربعة : محمد واحد ، وعلي واحد ، والحسن والحسين ثنتان. ثم خلق الله ، فاطمة من نور ابتدأها روحا بلا بدن ثم مسحنا بيمينه فأفضى نوره فينا (١).
بيان : « بلابدن » أي أصلا (٢) ، أو بلا بدن عنصري بل بدن مثالي ، و ظاهره تجسم الروح (٣) ، وربما يؤول الخلق هنا بالتقدير. « قبل أن أخلق » بحسب الزمان الموهوم ، وقيل : بحسب الرتبة « تهللني » بلسان الجسد المثالي (٤) أو بلسان الحال « ثم جمعت روحيكما » كأن المراد جعل مادة بدنهما في صلب آدم عليهالسلام « فكانت تمجدني » أي بنفسها أو بتوسط الطينات المقدسات « ثم قسمتها ثنتين » أي في عبدالمطلب إلى عبدالله وأبيطالب « ثم قسم الثنتين » بعد انتقالهما إلى علي وفاطمه « ثنتين » أي في الحسنين كما تدل عليه أخبار كثيرة. وقال بعض المحدثين : من الامور المعلومة أن جعل المجردين واحدا ممتنع وكذلك قسمة المجرد فينبعي حمل الروح هنا على آلة جسمانية نورانية منزهة عن الكثافة البدنية وقال بعض الافاضل : المراد بخلق الروحين بلا بدن خلقهما مجردين ، وبجمعهما وجعلهما واحدة جمعهما في بدن مثالي نوراني لاهوتي ، وبتقسيمهما تفريقهما وجعل كل واحد منهما في بدن شهودي جسماني ، واستحالة تعلق الروحين ببدن
____________________
(١) الكافى : ج ١ ، ص ٤٤٠.
(٢) يعنى اعم من العنصرى والمثالى وهو الظاهر.
(٣) منشأ الاستظهار خفى جدا.
(٤) على فرض وجود بدن مثالى هناك وهو خلاف الظاهر كما مر وكأن المؤلف رحمه الله رأى الملازمة بين التهليل والتمجيد وبين وجود لسان جسمانى اعم من المثالى والعنصرى وليس كذلك فان للروح ايضا تهليلا وتمجيدا بحسب حاله ويطلب توضيحه من محله على أن الظاهر أن تفسير النور بالروح انما هو لدفع توهم كونه من الانوار الجسمانية فليس المراد بالروح النفس المتعلقة بالبدن بل ما يقابل الجسم مطلقا فتأمل.