أرضك كل نبات فيها بكلمة واحدة وتراب واحد وتسقى بماء واحد ، فجاء على مشيئتك مختلفا اكله ولونه وريحه وطعمه ، منه الحلو ، ومنه الحامض والمر ، و الطيب ريحه والمنتن ، والقبيح والحسن ، وقال عزيز : يا رب إنما نحن خلقك وعمل يدك (١) خلقت أجسادنا في أرحام امهاتنا ، وصورتنا كيف تشاء بقدرتك جعلت لنا أركانا ، وجعلت فيها عظاما ، وشفقت (٢) لنا أسماعا وأبصارا ، ثم جعلت لها (٣) في تلك الظلمة نورا ، وفي ذلك الضيق سعة ، وفي ذلك الغم روحا ، ثم هيأت لها من فضلك رزقا يقويه على مشيئتك ، ثم وعظته بكتابك وحكمتك ، ثم قضيت عليه الموت لا محالة ، ثم أنت تعيده كما بدأته.
قال عزيز : اللهم بكلمتك خلقت جميع خلقك ، فأتى على مشيتك ، لم تأن في ذلك مؤنة ، ولم تنصب (٤) فيه نصبا ، كان عرشك على الماء ، والظلمة على الهواء والملائكة يحملون عرشك ، ويسبحون بحمدك ، والخلق مطيع لك ، خاشع من خوفك ، لا يرى فيه نور إلا نورك ، ولا يسمع فيه صوت إلا سمعك ، ثم فتحت خزانة النور وطريق الظلمة فكانا ليلا ونهارا يختلفان بأمرك (٥).
١٧٢ ـ وعن ابن عباس : إن اليهود أتت النبي صلىاللهعليهوآله فسألته عن خلق السماوات والارض ، فقال : خلق الله الارض يوم الاحد والاثنين ، وخلق الجبال وما فيهن من منافع يوم الثلثاء ، وخلق يوم الاربعاء الشجر والماء والمدائن و العمران والخراب ، فهذه أربعة فقال تعالى « قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يومين إلى قوله في أربعة أيام سواء للسائلين » وخلق يوم الخميس السماء وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة إلى ثلاث ساعات بقين منه
____________________
(١) في المصدر : يديك.
(٢) في المصدر : وفتقت.
(٣) في المصدر : لنا.
(٤) في المصدر : ولم ثعى منه نصبا.
(٥) الدر المنثور : ج ٥ ، ص : ٦.