دورته مستلزما للدر المستحيل بالضرورة؟ فقد ذكر ابن العربي فيما (١) سماه بالفتوحات أن اليوم وزمان دورة للفلك الاطلس فلا يكون منطوطا بالشمس ولا بالسماوات السبع ، إنما المنوط بها الليل والنهار وهما غير اليوم. وفيه أنه اصطلاح مبني على اصول الفلسفة تأبى عنه اللغة والعرف المبني عليهما لسان الشريعة ، و لظهور ذلك أطبق المفسرون على تأويله إما بحمل تلك الايام على زمان مساولقدر زمانها ، وإما بحملها على أوقات أو مرات متعددة بعدتها حتى يكون معنى خلق الارض في يومين مثلا خلقها في مرتين مرة خلق أصلها ، ومرة تمييز بعض أجزائها عن بعض ، وكذلك في السماوات وغيرها ، ولا يخفى أن شيئا من التأويلين ولا سيما الثاني لا يلائم تعيين خصوص يوم من أيام الاسبوع لخلق كل منها كما في الروايات وذلك ظاهر جدا. وأيضا يستبعد العقل جدا أن لا يمكن خلق الانسان مثلا من نطفته عادة في أقل من ستة أشهر ويكون خلق السماوات والارض وما بينهما في ستة أيام مع أن الحال كما قال تعالى : لخلق السماوات والارض أكبر من خلق الناس ولكن أكثرالناس لا يعلمون وأيضا إخباره تعالى بخصوص قدر زمان لابد له من نكتة ، أقل ما في الباب أن يكون من جهة قلته أو كثرته دخيلا في المطلوب ، ولا يناسب شئ منهما ههنا ، إذ لو كان لاجل معرفة العباد أنه تعالى قادر على خلق مثل السماوات والارض في هذه المدة القليلة فمعلوم أن ذلك ليس له
____________________
(١) هو ابوعبدالله محيى الدين محمد بن على بن محمد الحاتمى الطائى الاندلسى المكى الشامى صاحب كتاب الفتوحات ، برع في علم التصوف ولقى جماعة من العلماء والمتعبدين والناس فيه على ثلاث طوائف : طائفة يعدونه من اكابر الاولياء العارفين منهم الفيروزآبادى صاحب القاموس والشعرانى ، وطائفة يكفرونه وينسبونه إلى الالحاد منهم التفتازانى والمولى على القارئ ، وطائفة يعتقدون ولايته ويحرمون النظر في كتبه منهم جلال الدين السيوطى.
وله مصنفات كثيرة ، واعظم كتبه وآخرها تأليفا « الفتوحات المكية » توفى سنة « ٦٣٨ » بعد وفاة الشيخ عبد القادر بثمان وسبعين ، وقبره بصالحية دمشق مزار مشهور ومن اشعاره :
رأيت ولائى آل طه وسيلة |
|
على رغم اهل البعد يورثنى القربى |
فما طلب المبعوث اجرا على الهدى |
|
بتبليغه إلا المودة في القربى |