الخلق ، وليس ذلك أمرا كان ومضى بل هو في المستقبل إذا عددنا الايام بالالوف « انتهى » أن بعضا من الكتب السماوية كالتورية كان متضمنا للاشارة إلى أن المراد بالايام المخلوقة فيها السماوات والارض هو الايام الربانية ، ولكن اليهود لم يتفطنوا بكونها سابقة على زمان الدنيا وتعمدوا في تحريفها عن موضعها بتطبيقها على بعض أزمنة الدنيا تصحيحا لما سولته لهم أنفسهم من أن شريعة موسى عليهالسلام هي أول أوامره وشروعه في التكليف ، حتى لا يلزمهم الاقرار بنسخ شريعة سابقة مستلزم لامكان وقع مثله على شريعتهم أيضا فافهم.
ويظهر مما ذكره محمد بن جرير الطبري في أول تاريخه أن حمل تلك الايام على الايام الربانية أو مقرربين أهل الاسلام أيضا من قديم الايام. فإذا تأملت في مدارج ما صورناه وبيناه يظهر لك أن السماوات والارض وما بينهما المعبر عنها بالدنيا بمنزلة شخص مخلوق من نطفة هي الماء على طبق حصول استعداداته بالتدريج كما جرت به عادته تعالى في مدة مديدة هي على حسابنا ستة آلاف سنة قمرية موافقة لستة أيام من الايام الربانية ، فبعدتمام هذه المدة التي هي بمنزلة زمان الحمل لها تولدت كاملة بطالع (١) السرطان والكواكب في شرفها ، وحينئذ أخذت الشمس والقمر في حركتهما المقدرة لهما المنوطة بهما الليل والنهار ، وذلك كان في يوم الجمعة كما مروجهه ، وكان أيضا سادس شهر محرم الحرام أو رمضان المبارك عند ما مضت ثلاث ساعات واثنتا عشرة دقيقة من نهاره ، ولا ينافي ذلك ما ورد في حديث الرضا عليهالسلام أنه كانت الشمس عند كينونتها في وسط السماء لانه عليهالسلام في صدد تصوير وضع نهار أيام الدنيا حينئذ لا الايام الربانية ، وما نحن فيه مبني عليها فلا يلزم الموافقة. هذا هو مبدء عمر الدنيا ، وأما مبدء خلقها من نطفتها فمقدم عليه بقدر ما عرفت من زمان حملها ، فكان مبدء أول يوم الاحد من تلك الايام غرة أحد الشهرين ، ولا شك بما نصب لنا من الدلالات اليقينية أن لها أمدا ممدودا وأجلا محدودا ، ويقرب احتمال أنه تعالى كان قدر لجملة زمانها من مبدء خلقها إلى حلول أجلها سنة كاملة من السنين الربانية ، فجعل ستة أيام منها بإزاء خلقها والباقية