وقال المحقق الطوسي ره : الحدوث هو المسبوقية بالغير ، وذلك الغير إن كان هو العلة فهو الحدوث الذاتي ، وإن كان عدما فهو الحدوث الزماني.
ويرد عليه أيضا ما يرد على الاول ، لان ذات المعلول يصدق عليها أنها ليست بموجودة في مرتبة ذات العلة ثم وجد المعلول بعد ذلك السلب ، لوجوب تقدم وجود العلة على وجود المعلول ، ولا يتصور في تقدم سلب وجود المعلول على وجوده إلا التقدم الذاتي المنحصر في التقدم بالعلية ، فيعود الاشكال. وللقوم في هذا المقام اعتراضات وأجوبة لا يناسب مقصودنا من هذا الكتاب إيرادها ، وأكثرها مذكورة في حواشي المحقق الدواني وغيره على الشرح الجديد للتجريد. وبالجملة إطلاق الحدوث عليه محض اصطلاح لهم لا يساعده لغة ولا عرف ، وإنما مرجعه الاحقية أو إلى ترتب وجود المعلول على وجود العلة إذ العقل يحكم بأنه وجد فوجد.
وأثبت السيد الداماد ره قسما ثالثا وهو الحدوث الدهري حيث قال : إن أنحاء العدم للممكن ثلاثة : الاول العدم الذي هو الليس المطلق في مرتبة الذات وهو لكل ممكن موجود حين وجوده الثانى العدم المتكمم وهو لكل حادث زماني قبل زمان وجوده. الثالث العدم الصريح الدهري قبل الوجود قبلية غير متكممة. وليس شئ من العدمين الاولين هو العدم المقابل للوجود ، أما الاول فلانة يجامع الوجود في الوقع ويسبقه بحسب الذات سبقا ذاتيا ، وأما الثاني فلانه ممائز لزمان الوجود ، ومن شرائط التناقض في الزمانيات وحدة الزمان فإذا إنما المقابل للوجود العدم الصريح الذي لا يتصور فيه حد وحد ، ولن يتميز فيه حال (١) وحال. ثم حقق في ذلك تحقيقا طويلا وحاصل كلامه أن أثبت للموجودات وعائين آخرين سوى الزمان وهو الدهر والسرمد ، وقال : نسبة المتغير إلى المتغير ظرفها الزمان ونسبة الثابت إلى المتغير ظرفها الدهر ، ونسبة الثابت إلى الثابت ظرفها السرمد. ونقل على ذلك شواهد كثيرة من الحكماء ، فمن ذلك قول الشيخ في التعليقات حيث قال :
____________________
(١) ولاجل ذلك اعنى كون الحادث الدهرى فقط مسبوقا بالعدم الصريح جعل الحدوث الدهرى احق انواع الحدوث بهذا الاسم.