إذ المتبادر منه أنه لم يكن موجودا فوجد.
واورد عليه أن تقدم العدم على الوجود بالذات لا معنى له ، إذ التقدم بالذات مخصوص عندهم بالتقدم بالعلية ، فتقدم العدم بالعلية على الوجود يستلزم اجتماع النقيضين (١).
____________________
حادثا ، وان لم يكن يطلق بل كان شرط المحدث ان يوجد زمان ووقت كان قبله فبطل بمجيئة بعده اذ يكون بعديته لا يكون مع القبلية موجودة بل يكون ممائزة في الوجود لانها زمانية فلا يكون كل معلول محدثا بل المعلول الذى يسبق وجوده زمان ويسبق وجوده لا محالة حركة و تغير كما علمت ونحن لا نناقش في الاسماء إلى ان قال فان كان وجوده بعد ليس مطلق كان صدوره عن العلة ذلك الصدور ابداعا ويكون افضل انحاء اعطاء الوجود لان العدم يكون قد منع البتة وسلط عليه الوجود ) إلى آخره.
(١) اعلم ان السبق بالذات عند المتكلمين هو سبق اجزاء الزمان بعضها على بعض ، و عند الحكماء معنى عام يطلق على السبق بالطبع وبالمهية وبالعلية ، ومسبوقية الحادث الذاتى بالعدم او بالغبر على اختلاف التعريفين ليس على شئ من هذين الاصطلاحين بل هو اصطلاح خاص في مقابل الحادث الزمانى ، توضيح ذلك انهم عرفوا الحادث بالمسبوق بالعدم او بالغير والمآل واحد لان المراد بالغير اعم من العلة والعدم ، ثم قسموه إلى ما هو مسبوق بالعدم المجامع اى ما يكون ذاته بذاته غير واجده للوجود فيكون من مرتبة ذاته خالية عن الوجود و سموه بالحادث الذاتى ، وإلى ما هو ، سبوق بالعدم المقابل اى ما يكون موجودا في زمان لم يكن موجودا فبله فيكون مسبوقا بعده الغير المجامع لوجوده وسموه بالحادث الزمانى ، فالسبق ههنا بحسب الخارج وهناك بحسب نفس الامر ، ومرتبة نفس الامر اوسع من مرتبة نفس الماهية من حيث هى هى قال الشيخ في الهيات النجاة : واعلم انه كما ان الشئ قد يكون محدثا بحسب الزمان كذلك قد يكون محدثا بحسب الذات فان المحدث هو الكائن بعد ما لم يكن ، والبعدية كالقبلية قد تكون بالزمان وقد تكون بالذات ثم قال فيكون لكل معلول في ذاته اولا انه ليس ، ثم عرض عن العلة وثانيا انه ايس ، فيكون كل معلول محدثا أى مستفيدا لوجوده من غيره ، بعد ماله في ذاته انه لا يكون موجودا فيكون كل معلول في ذاته محدثا ، فان كان مثلا في جميع الزمان موجودا مستفيدا لذلك الوجود عن موجد فهو محدث لان وجوده من بعد لا وجوده بعدية بالذات « انتهى موضع الحاجة » فتبين بما ذكرنا ان منشأ هذا الاشكال هو الخلط بين الاصطلاحين وحاصل الجواب ان معنى تقدم العدم على الوجود في الحادث الذات كون ذاته بذاته خالية عن الوجود وهو تقدم ما بالذات على ما بالغير لا التقدم الذاتى الذى يستعمل في تقدم العلة على المعلول وتقدم الجنس والفصل على النوع وغيرها.