البديهة ، بل هي محصورة بين حاصرين : أحدهما الوحدة ، والآخر تلك المرتبة المفروضية أخيرا ، فالمعدود أيضا وهو مجموع السلسلة الغير المتناهية أيضا متناهية لانه لا يمكن أن يعرض للمجموع بحيث لا يشذ منه فرد إلا مرتبة واحده من مراتب العدد من جهة واحدة ، وكل مرتبة يمكن فرضها فهي متناهية كما مر نعم لو أمكن فرض جميع المراتب اللايقفية للعدد ، وأمكن تصور خروج جميع المراتب اللايقفية إلى الفعل ، وأمكن عروض أكثر من مرتبة واحدة للعدد للجملة الواحدة من جهة واحدة أمكن عروض العدد الغير المتناهي لهذه الجملة ، لكنه محال. لانه لا يمكن أخذ المجموع من الامور اللايقفية ، ولا يتصور خروج الجميع إلى الفعل ولو على سبيل التعاقب ، وإلا لزم أن يقف وهذا خلف وقد التزمه النظام في أجزاء الجسم بل نقول : مفهوم اللايقفية ومفهوم المجموع متنافيان كما قرر في محله.
وهذا البرهان واضح المقدمات ، يجري في المجمعة والمتعاقبة ، والمترتبة وغير المترتبة بلا تأمل ، وكذا جريان برهاني التطبيق والتضايف ظاهر بعد الرجوع في المقدمات الممهدة ، والنظر الجميل في التقريرات السابقة. وذهب المحقق الطوسي ره في التجريد إلى جريان التطبيق والتضايف فيها ، وقال في نقد المحصل بعد تزييف أدلة المتكلمين على إبطال التسلسل في المتعاقبة. فهذا حاصل كلامهم في هذا الموضع ، وأنا أقول : إن كل حادث موصوف بكونه سابقا على ما بعده ، ولاحقا بما قبله ، والاعتباران مختلفان ، فإذا اعتبرنا الحوادث الماضية المبتدئة من الآن تارة من حيث كل واحد منهما سابق وتارة من حيث هو بعينه لاحق كانت السوابق واللواحق المتبائنتان بالاعتبار متطابقتين في الوجود لانحتاج في تطابقهما إلى توهم تطبيق ، و مع ذلك يجب كون السوابق أكثر من اللواحق في الجانب الذي وقع النزاع فيه فإذن اللواحق متناهية في الماضى لوجوب انقطاعها قبل انقطاع السوابق ، والسوابق زائدة عليها بمقدار متناه فتكون متناهية أيضا « انتهى ».
واعترض عليه بأن في التطبيق لابد من وجود الآحاد على نحو التعدد والامتياز ، أما في الخارج فليس ، وأما في الذهن فكذلك لعجز الذهن عن ذلك ، و