وهكذا عدم الحوادث ولا محذور فيه ، لان اجتماع العدم الازلي الغير المتناهي في الماضي في زمان مع عدم تناهي الزمان عندهم مع مثله بالغا مابلغ سواء كانت الاعدام متناهية أم لا بديهي ، ولا يلزمنا تعيين زمان معين للازل. وكذا ما قيل : وإن تحقق في الازل عدم الحوادث لكنه عدم كل حادث مقرون بوجود حادث تقدم على ذلك الحادث أبدا فلا يتحقق وقت ينتهي (١) فيه جميع الموجودات ويبقى صرف العدم. وهذا مع أنه مدفوع بما قررنا لوتم فهو فساد آخر نشأ من عدم تناهي الحوادث ، إذ جميع المفاسد التي ذكرنا إنما نشأت من الحوادث إلى غير النهاية. ويمكن أن يقال أيضا : إن الحادث اليومي مسبوق بعدم معده ، وبعدم معد معده وهكذا إلى غير النهاية ، وعدم المعد البعيد بواسطة أطول امتدادا من عدم المعد القريب ، والمعد البعيد بواسطتين أطول منهما ، والمعد الابعد بثلاث وسائط أطول من الثلاثة ، وكلما تمتد سلسلة المعدات تتزايد امتداد الاعدام اللاحقة للمعدات فلو ذهبت السلسلة إلى غير النهاية لزم أن يمتد العدم اللاحق لا إلى نهاية ، مع أنه عدم لاحق مسبوق بوجود المعد ، واستحالته ظاهرة. وهذا برهان لطيف قوي لا يرد عليه ما يرد على برهان السلم ، لان جميع الاعدام الغير المتناهية جزء للعلة التامة للحادث اليومي [ مجتمعة ووجودات المعدات ] متحققة في الواقع ، متمائزة بخلاف برهان السلم لان ازدياد الانفراج هنا على سبيل اللايقف وموقوف على فرض النقاط في الساقين.
الثالث : قال بعض المحققين : إن الامور الغير المتناهيه مطلقا يستلزم الامور الغير المتناهية المترتبة ، ويلزم منه تناهي النفوس وحدوثها على بعض الوجوه ، كما سلف بيانه أن المجموع متوقف على المجموع إذا اسقط منه واحد ، وذلك المجموع على مجموع أقل منه بواحد ، وهكذا إلى غير النهاية ، فيجري التطبيق والتضايف بين المجموعات الغير المتناهية إذ هي امور موجودة مترتبة.
____________________
(١) في بعض النسخ : ينتفى.