وقال أيضا : لا ينبغي لسامع قول الفيلسوف يعني شيخه أفلاطون أن ينظر إلى لفظه فيتوهم عليه أنه قال : إن البارئ خلق الخلق في زمان ، فإنه (١) إنما اضطر الاولون إلى ذكر زمان في بدء الخلق لانهم أرادوا وصف كون الاشياء فاضطروا أن يدخلوا الزمان في وصفهم الكون ، وفي وصف الخليقة التي لم تكن في زمان البتة ، لان المرء إذا أراد أن يبين العلة اضطر إلى ذكر الزمان ، لانه لابد للعلة أن تكون قبل المعلول فيتوهم المتوهم أن القبلية هي الزمان وليس ذلك كذلك (٢) « انتهى ».
وقيل : ولعله لهذا الوجه وقعت الالفاظ الموهمة للزمان في كلام الشارع.
اقول : وكذلك صرح الشيخ بأنه تعالى ليس بزماني في تعليقاته والشفاء كما مر بعض كلماته ، والفارابي في الفصوص والتعليقات ، وشيخ الاشراق ، والعلامة الشيرازي ، وشارح التلويحات ، وفخر الدين الرازي ، والمحقق الدوانى.
وقال المحقق الطوسي ره في نقد المحصل : وأما البارئ تعالى وكل ما هو علة الزمان أو شرط وجوده فلا يكون في الزمان ولا معه إلا في التوهم ، حيث يقيسها الوهم إلى الزمانيات ، والعقل كما يأبى عن إطلاق التقدم المكاني كذلك يأبى عن إطلاق التقدم الزماني ، بل ينبغي أن يقال : إن للبارئ تعالى تقدما خارجا عن القسمين ، وإن كان الوهم عاجزا عن فهمه. وقال أيضا في جواب الاسئلة القونوية : لما نفوا عنه الكون في المكان جعلوا نسبة جميع الاماكن إليه نسبة واحدة متساوية ولما تقوا عنه الكون في الزمان جعلوا نسبة جميع الازمنة حالها وماضيها ومستقبلها إليه نسبة واحدة متساوية.
وقال ره في شرح رسالة العلم : أزليته تعالى إثبات سابقية له على غيره ، ونفي المسبوقية عنه ، ومن تعرض للزمان أو الدهر أو السرمد في بيان الازلية فقد ساوق معه غيره في الوجود انتهى. واعلم أن تسليم الحكماء لهذا الاصل بل تجويز العقل على
____________________
(١) في المصدر فانه وإن توهم ذلك عليه في الفاظه وكلامه فانه انما لفظ بذلك إرادة أن يتبع عادة الاولين فانه.
(٢) هامش القبسات : ١٧٧. وكانه رحمه الله نقل مخلصا.