الحادث ، وقس عليه الشق الثالث.
فان قلت : على تقدير أن يكون عدم كل جزء مستندا إلى عدم عدم المانع المستلزم لوجود المانع لا يلزم الترتيب بين تلك الموانع حتى يلزم التسلسل المتسحيل بل لا يلزم اجتماع تلك الموانع في الوجود أيضا لجواز أن يكون حدوثها ولو في آن كافيا في انتفاء ما هي مانعة عنه.
قلت : تلك الموانع متعاقبة في الحدوث ، فإن اجتمعت في الوجود لزم التسلسل المستحيل ، لان آحادها مترتبة في الحدود [ و ] بحسب الزمان ومجتمعة في الوجود ، فيجري فيه التطبيق ، ولا يقدح فيه عدم ترتبها بحسب الذات كما لا يخفى على ذي فطرة سليمة ، فإنا نأخذ السلسلة المبتدأة من الحادث في اليوم ونطبقها على السلسلة المبتدأة من الحادث بالامس ونسوق البرهان ، وإن لم تجتمع في الوجود نقلنا الكلام إلى علة عدمها حتى يلزم التسلسل المستحيل في الموجودات الحادثة وقت عدمها أو وقت وجودها ، فإن علة عدم كل مانع إما عدم المانع المستلزم لوجود المانع ، أو عدم جزء من أجزاء علته ، وعلى الاول يلزم وجود الموانع المترتبة في الحدوث الغير المتناهية ، وعلى الثاني يلزم أن يكون تحقق ذلك المانع موقوفا على أمور موجودة غير متناهية مترتبة ، فيلزم التسلسل المستحيل في أسباب وجوده انتهى.
وأنت خبير بأنه على سبيل المماشاة مع الحكماء ، [ وإلا ] فقد بيناه وبين هو نفسه أيضا ببعض الوجوه التي ذكرنا أن التسلسل مطلقا محال ، سواء كانت متعاقبة أو مجتمعة ، فظهر أن لا مخلص للحكماء إلا بالتزام أن إمكان نحو الوجود معتبر في جانب المعلول ، ولا يضر في تمامية العلة ، فلما استحال اجتماع أجزاء الحركة والزمان لكونهما غير قارين وقع التخلف وصارا واسطتين بين العلة القديمة و المعلول الحادث ، وهو بعينه الجواب عن أصل الدليل. والحاصل أنهم بأي وجه يسندون الحادث إلى القديم فلنا أن نسند جميع العالم إلى الواجب تعالى بلا فرق.
وقد يقرر النقض بعبارة اخرى ، وهي أنه يرد على ما قرروه من كون