اشرب من لبنها ، قال : سلمان فالتقمت الضرع فإذا هي تحلب عسلا صافيا محضا فقلت : يا سيدي هذه لمن؟ قال هذه لك ولسائر الشيعة من أوليائي. ثم قال لها : ارجعي فرجعت من الوقت وساربي في تلك الجزيرة حتى ورد بي إلى شجرة عظيمة وفي أصلها مائدة عظيمة عليها طعام تفوح منه رائحة المسك ، وإذا بطائر في صورة النسر العظيم ، قال : فوثب ذلك الطير فسلم عليه ورجع إلى موضعه ، فقلت : يا سيدي ما هذه المائدة؟ قال هذه مائدة منصوبة في هذا الموضع للشيعة من موالي إلى يوم القيامة. فقلت : ما هذا الطائر؟ فقال : ملك موكل بها ، فقلت : وحده يا سيدي فقال : يجتاز به الخضر في كل يوم مرة.
ثم قبض على يدي فسار بي إلى بحرثان ، فعبرنا وإذا بجزيرة عظيمة فيها قصر لبنة من الذهب ، ولبنة من الفضة البيضاء ، وشرفه العقيق الاصفر وعلى كل ركن من القصر سبعون صنفا من الملائكة فجلس الامام على ذلك الركن وأقبلت الملائكة تأتي وتسلم عليه ، ثم أذن لهم فرجعوا إلى مواضعهم ، قال سلمان : ثم دخل عليهالسلام إلى القصر ، فإذا فيه أشجاروأنهار وأطيار وألوان النبات ، فجعل الامام يمشي فيه حتى وصل إلى آخره ، فوقف على بركة كانت في البستان ، ثم صعد إلى سطحه ، فإذا كراسي من الذهب الاحمر ، فجلس عليه وأشرفنا منه ، فإذا بحر أسود يغطمط بأمواجه كالجبال الراسيات ، فنظر إليه شزرا فسكن من غليانه ، حتى كان كالمذيب (١) فقلت : يا سيدي سكن البحر من غليانه لما نظرت إليه ، قال : حسبني أني آمر فيه بأمر ، أتدري يا سلمان أي بحر هذا؟ فقلت : لا ، يا سيدي. فقال : هذا البحر الذي غرق فيه فرعون وقومه ، إن المدينة حملت على معاقل جناح جبرئيل ، ثم رمى بها في هذا البحر ، فهويت لا تبلغ قراره إلى يوم القيامة. فقلت : يا سيدي هل سرنا فرسخين؟ فقال : يا سلمان لقد سرت خمسين ألف فرسخ ، ودرت حول الدنيا عشرين مرة! فقلت : يا سيدي فكيف (٢) هذا؟ فقال : يا سلمان ، إذا كان ذوالقرنين طاف
____________________
(١) كالمذنب ( خ ).
(٢) وكيف ( خ ).