جملة فجملة ، مع أسبابها وعللها على نهج مستمر ، ونظام مستمر ، فان ما يحدث في عالم الكون والفساد إنما هو من لوازم حركات الافلاك ونتائج بركاتها ، فمتى يعلم أن كلما كان كذا كان كذا ومهما حصل العلم بأساب حدوث أمر ما في هذا العالم حكمت بوقوعه فيه ، فينتقش فيها ذلك الحكم ، وربما تأخر بعض الاسباب الموجب لوقوع الحادث على خلاف ما يوجبه بقية الاسباب لو لا ذلك السبب ، ولم يحصل لها العلم بذلك السبب بعد ، لعدم اطلاعها على سبب ذلك السبب ، ثم لما جاء أوانه واطلعت عليه حكمت بخلاف الحكم الاول ، يمحو عنها نقش الحكم السابق ويثبت الحكم الآخر ، ولما كان أسباب هذا التخيل ينتهي إليه سبحانه نسب البداء إليها مع إحاطة علمه سبحانه بالكليات والجزئيات جميعا أزلا وأبدا.
١ ـ تفسير على بن ابراهيم : عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : أول ما خلق الله القلم ، فقال له « اكتب » فكتب ما كان و ما هو كائن إلى يوم القيامة (١).
٢ ـ ومنه : في قوله « بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ » قال : اللوح المحفوظ له طرفان : طرف على [ يمين ] العرش ، وطرف على جبهة إسرافيل ، فإذا تكلم الرب جل ذكره بالوحي ضرب اللوح جبين إسرافيل فنظر في اللوح ، فيوحي بما في اللوح إلى جبرئيل (٢).
٣ ـ ومنه : عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبدالرحيم القصر ، عن أبي عبدالله عليهالسلام : قال : سألته عن « ن والقلم » قال : إن الله خلق القلم من شجرة في الجنة يقال لها الخلد ، ثم قال لنهر في الجنة كن مدادا فجمد النهر ، وكان أشد بياضا من الثلج ، وأحلى من الشهد ، ثم قال للقلم : اكتب ، قال : يا رب ما أكتب؟ قال : اكتب ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة ، فكتب القلم في رق أشد بياضا من الفضة ، وأصفى من الياقوت ، ثم طواه فجعله في ركن العرش ، ثم ختم على
____________________
(١) تفسير القمى : ٥٣٦.
(٢) تفسير القمى : ٧٢٠.