إلا محسوسا وكل محسوس يكون محدودا ، والمعنى أنه أراد أن يكون محدودا ليدل بكونه على هذه الحالة على إمكانه وافتقاره إلى الصانع ، فيكون بوجوده بنفسه دالا على الصانع لا باعتبار مدلوله ، ويحتمل أن يكون المراد بالتقدير أولا الابداع أيضا ، والمحدث إنما يدرك ويظهر بالابداع ، وفي كل خلق يحدث شيئان : مبدع وإبداع متعلق به ، لكن في تطبيق ما بعده عليه يحتاج إلى نوع عناية تظهر بالتأمل الصادق وقد سبق الخبر بتمامه مع شرحه في المجلد الرابع وإنما أوردنا هنا ما يناسب المقام.
٢٨ ـ العيون والتوحيد : بالاسناد المتقدم ، عن الحسن بن محمد النوفلي في خبر طويل يذكر فيه مناظرة الرضا عليهالسلام مع سليمان المروزي ، قال سليمان : فإنه لم يزل مريدا. قال عليهالسلام : يا سليمان! فإرادته غيره؟ قال : نعم ، قال : فقد أثبت معه شيئا غيره لم يزل. قال سليمان : ما أثبت. فقال عليهالسلام : هي محدثة يا سليمان ، فإن الشئ إذا لم يكن أزليا كان محدثا ، وإذا لم يكن محدثا كان أزليا وجرى المناظرة إلى أن قال عليهالسلام : ألا تخبرني عن الارادة فعل هي أم غير فعل؟ قال : بل هي فعل ، قال : فهي محدثة ، لان الفعل كله محدث. قال : ليست بفعل قال : فمعه غيره لم يزل. قال سليمان : إنها مصنوعة قال : فهي محدثة وساق الكلام إلى أن قال : قال سليمان : إنما عنيت أنها فعل من الله لم يزل قال عليهالسلام : ألا تعلم أن مالم يزل لا يكون مفعولا وقديما حديثا في حالة واحدة. فلم يحر جوابا ، ثم أعاد الكلام إلى أن قال عليهالسلام : إن ما لم يزل لا يكون مفعولا. قال سليمان : ليس الاشياء إرادة ولم يرد شيئا. قال عليهالسلام : وسوست يا سليمان! فقد فعل وخلق ما لم يرد خلقه وفعله؟! وهذه صفة ما لا يدري ما فعل ، تعالى الله عن ذلك. ثم أعاد الكلام إلى أن قال عليهالسلام : فالارادة محدثة ، وإلا فمعه غيره (١).
الاحتجاج : مرسلا مثله (٢).
____________________
(١) العيون : ج ١ ، ص ١٨٣. التوحيد : ص ٣٢٣.
(٢) الاحتجاج : ص ٢١٨.