حتّى يموت كما مات زهير والنابغة.
فقال إبليس : إنّ بني هاشم لا ترضى بذلك ، فإذا جاء موسم العرب اجتمعوا عليكم وأخرجوه فيخدعهم بسحره.
وقال آخر : الرأي أن نخرجه من بلادنا ونطرده فنفرغ نحن لآلهتنا.
فقال إبليس : هذا أخبث من الرأيين المتقدّمين ، لأنّكم تعمدون إلى أصبح الناس وجهاً ، وافصح الناس لساناً ، وأسحرهم ، فتخرجوه إلى بوادي العرب فيخدعهم بسحره ولسانه ، فلا يفجأكم إلاّ وقد ملأها عليكم خيلاً ورجلاً.
فبقوا حيارى. ثم قالوا للملعون إبليس : فما الرأي عندك فيه؟
قال : ما فيه إلاّ رأي واحد ، أن يجتمع من كلّ بطن من بطون قريش رجلٌ شريفُ ، ويكون معكم من بني هاشم واحد ، فيأخذون حديدة أو سيفاً ويدخلون عليه فيضربوه كلّهم ضربة واحدة ، فيتفرقّ دمه في قريش كلّها ، فلايستطيع بنو هاشم أن يطلبوا بدمه وقد شاركوا فيه ، فما بقي لهم إلاّ أن تعطوهم الدية ، فأعطوهم ثلاث ديات.
قالوا : نعم وعشر ديات.
وقالوا بأجمعهم : الرأي رأي الشيخ النجدي.
فاختاروا خمسة عشر رجلاً فيهم أبو لهب على أن يدخلوا على رسول الله فيقتلونه ، فأنزل الله سبحانه وتعالى على رسوله : ( واذ يمكُرُ بك الّذين كفرُوا ليُثبتُوك أو يقتلوك او يُخرجُوك)الآية (١).
ثمّ تفرّقوا على هذا وأجمعوا أن يدخلوا عليه ليلاً وكتموا أمرهم ، فقال أبو لهب : بل نحرسه فإذا أصبحنا دخلنا عليه.
فباتوا حول حجرة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمر رسول الله
__________________
(١) الأنفال ٨ : ٣٠.