ثمّ كانت غزوة بني النضير ، وذلك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مشى إلى كعب بن الأشرف يستقرضه فقال : مرحباً بك يا أبا القاسم وأهلاً. فجلس رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه وقام كأنّه يصنع لهم طعاماً ، وحدّث نفسه أن يقتل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فنزل جبرئيل عليهالسلام وأخبره بما همّ به القوم من الغدر ، فقام صلىاللهعليهوآلهوسلم كأنّه يقضي حاجة ، وعرف أنّهم لا يقتلون أصحابه وهو حيّ ، فأخذ عليهالسلام الطريق نحو المدينة ، فاستقبله بعض أصحاب كعب الذين كان أرسل إليهم يستعين بهم على رسول الله ، فأخبر كعباً بذلك ، فسار المسلمون راجعين.
فقال عبدالله بن صورياـ وكان أعلم اليهود ـ : والله إنّ ربّه اطلعه على ما أردتموه من الغدر ، ولا يأتيكم والله أوّل ما يأتيكم إلاّ رسول محمّد يأمركم عنه بالجلاء ، فأطيعوني في خلصلتين لا خير في الثالثة : أن تسلموا فتأمنوا على دياركم وأموالكم ، وإلاّ فإنّه يأتيكم من يقول لكم : اخرجوا من دياركم.
فقالوا : هذه أحبّ إلينا.
قال : أمّا إنّ الاُولى خيرٌ لكم منها ، ولولا أنّي أفضحكم لأسلمت.
ثمّ بعث صلىاللهعليهوآلهوسلم محمّد بن مسلمة إليهم يأمرهم بالرحيل والجلاء عن ديارهم وأموالهم ، وأمره أن يؤجّلهم في الجلاء ثلاث ليال (١).
ثمّ كانت غزوة بني لحيان ، وهي الغزوة التي صلّى فيها صلاة الخوف بعسفان حين أتاه الخبر من السماء بما همّ به المشركون. وقيل : إنّ هذه
____________
(١) انظر : سيرة ابن هشام ٣ : ١٩٩ ، الطبقات الكبرى ٢ : ٥٧ ، دلائل النبوة للبيهقي ٣ : ١٨٠ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٢٠ : ١٦٣ | ١.