عليه ، وقد حصل المراد واستقام لك البلد ، ولو منّ الله عليّ بالصحّة ضمنت لك استقامة أمر البصرة.
فلمّا دخل ابن زياد وأمكنه ما وافقه عليه بدا له في ذلك ولم يفعل ، واعتذر إلى شريك بعد فوات الأمر بأنّ ذلك كان يكون فتكاً وقد قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ الإيمان قيد الفتك ».
فقال : أما والله لو قد قتلته لقتلت غادراً فاجراً كافراً. ثمّ مات شريك من تلك العلّة رحمهالله.
ودعا عبيدالله بن زياد مولى له يقال له : معقل ، وقال : خذ ثلاثمائة درهم (١) ثمّ اطلب مسلم بن عقيل والتمس أصحابه ، فإذا ظفرت منهم بواحد أو جماعة فأعطهم هذه الدراهم وقل : استعينوا بها على حرب عدوّكم ، فإذا اطمأنّوا إليك ووثقوا بك لم يكتموك شيئاً من أخبارهم ، ثمّ اغد عليهم ورححتّى تعرف مستقرّ مسلم بن عقيل.
ففعل ذلك ، وجاء حتّى جلس إلى مسلم بن عوسجة الأسدي في المسجد الأعظم وقال : يا عبدالله إنّي امرؤٌ من أهل الشام ، أنعم الله عليّ بحبّ أهل هذا البيت ، فقال له مسلم : أحمد الله على لقائك ، فقد سرّني ذلك ، وقد ساءني معرفة الناس إيّاي بهذا الأمر قبل أن يتمّ مخافة هذا الطاغية ، فقال له معقل : لا يكون إلاّ خيراً ، فخذ منّي البيعة.
فأخذ بيعته ، وأخذ عليه المواثيق المغلّظة ليناصحنّ وليكتمنّ ، ثمّ قال : اختلف إليّ ايّاماً في منزلي فأنا طالب لك الإذن ، فأذن له ، فأخذ مسلم بيعته ، ثمّ أمر قابض الأموال فقبض المال منه ، وأقبل ذلك اللعين يختلف إليهم ، فهو أوّل داخل وآخر خارج ، حتّى علم ما احتاج إليه ابن زياد ، وكان
_________
(١) في المصادر : ثلاثة آلاف درهم.