أو هو؟ كذبت والله وأثمت » فخرج.
فقال مروان للوليد : عصيتني.
فقال : ويح غيرك يا مروان ، والله ما اُحبّ أنّ لي ما طلعت عليه الشمس وأنّي قتلت حسيناً ، سبحان الله أقتل حسيناً إن قال : لا اُبايع ، والله إنّي لأظنّ أنّ امرءاً يحاسب بدم الحسين خفيف الميزان عند الله تعالى يوم القيامة.
فقال مروان : إن كان هذا رأيك فقد أصبت.
وأقام الحسين تلك الليلة في منزله ، واشتغل الوليد بمراسلة عبدالله بن الزبير في البيعة ليزيد وامتناعه عليه ، وخرج ابن الزبير من ليلته متوجّهاً إلى مكّة ، وسرّح الوليد في إثره الرجال فطلبوه فلم يدركوه.
فلمّا كان آخر النهار بعث إلى الحسين عليهالسلام ليبايع فقال عليهالسلام : «اصبحوا وترون ونرى» فكفّوا تلك الليلة عنه ، فخرج عليهالسلام ليلة الأحد لليلتين بقيتا من رجب متوجّهاً نحو مكّة ومعه بنوه وبنو أخيه الحسن وإخوته وجلّ أهل بيته ، إلاّ محمّد بن الحنفيّة فإنّه لم يدر أين يتوجّه ، وشيّعه وودعه.
وخرج الحسين عليهالسلام وهو يقول : (فَخَرَج مِنْها خائِفاً يَتَرَقّبُ قال َرَبّ نَجّني مِنَ الْقَوْم الظّالِمِينَ) (١) فلمّا دخل مكّة دخلها لثلاث مضين من شعبان وهو يقول : (وَلَمّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسف رَبّي أنْ يَهْدِيَني سَواءَ السّبِيل )(٢).
وأقبل أهل مكّة يختلفون إليه ، ويأتيه ابن الزبير فيمن يأتيه بين كلّ يومين مرّة ، وهو أثقل خلق الله على ابن الزبير وقد عرف أنّ أهل الحجاز لا
_________
(١ و ٢) القصص ٢٨ : ٢١ ـ ٢٢.