الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فمسح الغبار عن وجهه ، فقال له جبرئيل : «رحمك ربّك ، وضعت السلاح ولم يضعه أهل السماء ، ما زلت أتبعهم حتّى بلغت الروحاء»(١) ، ثمّ قال جبرئيل : «انهض إلى إخوانهم من أهل الكتاب ، فوالله لاَدقنّهم دقّ البيضة على الصخرة».
فدعا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عليّاً عليهالسلام فقال : «قدّم راية المهاجرين إلى بني قريضة ، وقال : «عزمت عليكم أن لا تصلّوا العصر إلاّ في بني قريظة».
فأقبل عليّ عليهالسلام ومعه المهاجرون وبنو عبد الأشهل وبنو النجّار كلّها ، لم يتخلّف عنه منهم أحد ، وجعل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يسرّب إليه الرجال ، فما صلّى بعضهم العصر إلاّ بعد العشاء.
فأشرفوا عليه وسبّوه ، وقالوا : فعل الله بك وبابن عمّك ، وهو واقف لا يجيبهم ، فلمّا أقبل رسول الله عليه وآله وسلّم والمسلمون حوله تلقّاه أمير المؤمنين عليهالسلام وقال : «لا تأتهم يا رسول الله جعلني الله فداك ، فإنّ الله سيجزيهم». فعرف رسول الله أنّهم قد شتموه ، فقال : «أما إنّهم لو رأوني ما قالوا شيئاً ممّا سمعت». وأقبل ثمّ قال : «يا إخوة القردة ، إنّا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ، يا عباد الطاغوت اخسؤوا أخساكم الله». فصاحوا يميناً وشمالاً : يا أبا القاسم ما كنت فحّاشاً فما بدا لك(٢).
قال الصادق عليهالسلام : فسقطت العنزة من يده ، وسقط رداءه من
__________________
(١) قال الحموي في معجم بلدانه «٣ : ٧٦» : الروح والراحة من الاستراحة ، ويوم روح أي طيب ، وأظنه قيل للبقعة روحاء أي طيبة ذات راحة ويعضده ما ذكره الكلبي قال : لما رجع تبّع من قتال أهل المدينة يريد مكة نزل بالروحاء فأقام بها وأراح ، فسماها الروحاء.
(٢) انظر : تفسير القمي ٢ : ١٨٩ ، وارشاد المفيد ١ : ١٠٩ ، وسيرة ابن هشام ٣ : ٢٤٤ ، والطبقات الكبرى ٢ : ٧٤ ، وتاريخ الطبري ٢ : ٥٨١ ، والكامل في التاريخ ٢ : ١٨٥.