متاعهنّ شيئاً فليردّه ، فوالله ما ردّ أحدٌ منهم شيئأ ، فوكّل بالفسطاط وبيوت النساء وعليّ بن الحسين عليهماالسلام جماعة ممّن كانوا معه ، فقال : احفظوهم.
ثمّ عاد إلى مضربه ونادى في عسكره : من ينتدب للحسين فيوطئه فرسه؟ فانتدب عشرة ، منهم : إسحاق بن حيوة ، وأخنس بن مرثد ، فداسوا الحسين عليهالسلام بخيولهم حتّى رضّوا ظهره لعنهم الله.
وسرح عمر بن سعد لعنه الله برأس الحسين عليهالسلام من يومه ـ وهو يوم عاشوراء ـ مع خولي بن يزيد الأصبحي وحميد بن مسلم الأزدي إلى عبيدالله بن زياد لعنه الله ، وأمر برؤوس الباقين فقطعت وكانت إثنين وسبعين رأساً ، فسرّح بها مع شمر بن ذي الجوشن وقيس بن الأشعث وعمرو ابن الحجاج لعنهم الله ، فاقبلوا حتّى قدموا بها على ابن زياد لعنه الله ، وأقامه وبقيّة يومه واليوم الثّاني إلى الزوال ، ثمّ نادى في الناس بالرحيل ، وتوجّه نحو الكوفة ومعه بنات الحسين عليهالسلام وأخواته ومن كان معه من النساء والصبيان ، وعليّ بن الحسين عليهالسلام فيهم وهو مريض بالذّرَب (١) وقد أشفى(٢).
فلما رحل إبن سعد خرج قوم من بني أسد ـ كانوا نزولاً بالغاضريّة ـ إلى الحسين عليهالسلام وأصحابه ، فصلّوا عليهم ، ودفنوا الحسين عليهالسلام حيث قبره الآن ، ودفنوا ابنه عليّ بن الحسين الأصغر عند رجليه ، وحفروا للشهداء من أهل بيته وأصحابه الذين صُرعوا حوله حفيرة ممّا يلي رجله
__________________
(١) الترَب : الداء الذي يعرض للمعدة فلا تهضم الطعام ، ويفسد فيها ولا تمسكه. «لسان العرب ١ : ٣٨٥».
(٢) اشفى : قرب من الموت. «الصحاح ـ شفا ـ ٦ : ٤ ٢٣٩».