عند دنوّهم من عسكره ، ولم يكن منهم من يأمن غائلته إلاّ خاصّة من شيعته لا يقومون لأجناد الشام.
وكتب إليه معاوية في الهدنة والصلح وبعث بكتب أصحابه إليه ، فاجابه إلى ذلك بعد أن شرط عليه شروطاً كثيرة ، منها : أن يترك سبّ أميرالمؤمنين عليهالسلام والقنوت عليه في الصلاة ، وأن يؤمن شيعته ولايتعرّض لأحد منهم بسوء ، ويوصل إلى كلّ ذي حقّ حقّه.
فاجابه معاوية إلى ذلك كلّه ، وعاهده على الوفاء به ، فلمّا استتمّت الهدنة قال في خطبته : إنّي منّيت الحسن وأعطيته أشياء جعلتها تحت قدمي ، لا أفي بشيء منها له (١)!!
وخرج الحسن عليهالسلام إلى المدينة وأقام بها عشر سنين ، ومضىإلى رحمة الله تعالى لليلتين بقيتا من صفر سنة خمسين من الهجرة وله سبع وأربعون سنة وأشهر مسموماً ، سمّته زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس ، وكان معاوية قد دسّ إليها من حملها على ذلك وضمن لها أن يزوّجها من يزيد إبنه وأوصل إليها مائة ألف درهم فسقته السمّ.
وبقي عليهالسلام مريضاً أربعين يوماً ، وتولّى أخوه الحسين عليهالسلام غسله وتكفينه ودفنه عند جدّته فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بالبقيع (٢).
_________
(١) انظر : ارشاد المفيد ٢ : ١٢.
(٢) انظر : ارشاد المفيد ٢ : ١٥ ، مناقب ابن شهرآشوب ٤ : ٤٢ ، مقاتل الطالبيين : ٧٣ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٦ : ٤٩.