يمينه ، ثمّ خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ، ووعظ ونعى إلى الاُمّة نفسه فقال : «إنّي دعيت ويوشك أن اُجيب ، وقد حان منّي خفوقٌ من بين أظهركم ، وإنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليه الحوض».
ثمّ نادى بأعلى صوته : «ألست أولى منكم بأنفسكم؟».
فقالوا : اللهمّ بلى.
فقال لهم على النسق وقد أخذ بضبعي(١) عليّ فرفعهما حتى رُئي بياض إبطيهما وقال : «فمن كنت مولاه فهذا عليّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله».
ثمّ نزل عليهالسلام وكان وقت الظهيرة ، فصلى ركعتين ، ثمّ زالت الشمس فأذّ ن مؤذّنه لصلاة الظهر فصلّى بالناس وجلس في خيمته ، وأمر عليّاً عليهالسلام أن يجلس في خيمة له بإزائه ، ثمّ أمر المسلمين أن يدخلوا عليه فواجاً فوجاً فيهنّوه بالاِمامة ، ويسلّموا عليه بإمرة المؤمنين ، ففعل الناس ذلكاليوم كلّهم ، ثمّ أمر أزواجه وجميع نساء المؤمنين معه أن يدخلن معه ويسلّمن عليه بإمرة المؤمنين ففعلن ذلك ، وكان ممّن أطنب في تهنئته بذلك المقام عمر بن الخطّاب وقال فيما قال : بخّ بخّ لك يا عليّ ، أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة.
وأنشأ حسّان يقول :
يناديهم يوم الغدير نبيّهم |
|
مّ وأسمع بالرسول مناديا |
وقال فمن مولاكم ووليّكم |
|
قالوا ولم يبدوا هناك التعاديا |
إلهك مولانا وأنت وليّنا |
|
لن تجدن منّا لك اليوم عاصيا |
__________________
(١) الضبع : العضد. «الصحاح ـ ضبع ـ ٣ : ١٢٤٧».