وقام إليه رجلٌ من بني عديّ وقال : يا رسول الله أتخرجنّ إلى منى ورؤسنا تقطر من الماء(١) فقال عليهالسلام : «إنّك لن تؤمن بها حتّى تموت».
فقام إليه سراقة بن مالك بن جعشم فقال : يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد؟
قال : «لا ، بل لأبد الأبد».
فأحلّ الناس أجمعون ، إلاّ من كان معه هدي.
وخطب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الناس يوم النفرمن منى فودّعهم ، ولمّا قضى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نسكه وقفل إلى المدينة ، وانتهى إلى الموضع المعروف بغدير خمّ ، وليس بموضع يصلح للنزول لعدم الماء فيه والمرعى ، نزل عليه جبرئيل عليهالسلام ، وأمره أن يقيم عليّاً وينصبه إماماً للناس ، فقال : «ربّ إنّ اُمّتي حديثو عهد بالجاهليّة» فنزل عليه : أنّها عزيمة لا رخصة فيها ، فنزلت الآية : (يا اَيُّها الرَّسُولُ بَلَّغ ما اُنزِلَ اِليك مِن رَبَّك وَاِن لَم تَفعل فَما بَلَّغتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعصمُك مِنَ النَّاسِ)(٢).
فنزل رسول الله بالمكان الذي ذكرناه ، ونزل المسلمون حوله ، وكان يوماً شديد الحر ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بدوحات هناك فقمّ ما تحتها ، وأمر بجمع الرحال في ذلك المكان ووضع بعضها على بعض ، ثمّ أمر مناديه فنادى بالناس الصلاة جامعة ، فاجتمعوا إليه ، وإنّ أكثرهم ليلفٌ رداءه على قدميه من شدّة الرّمضاء ، فصعد صلىاللهعليهوآلهوسلم على تلك الرحال حتّى صار في ذروتها ، ودعا عليّاً عليهالسلام فرقى معه حتّى قام عن
__________________
(١) في نسخة «م» : النساء.
(٢) المائدة ٥ : ٦٧.