وأما مقامه بخيبر وبلاؤه يوم الحديبية فممّا مرّ ذكره فيما قبل (١).
ومن مقاماته قبل الفتح : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم دبّر الأمر في ذلك بالكتمان وسأل الله عزّوجلّ أن يطوي خبره عن أهل مكّة حتّى يفجأهم بدخولها ، فكان المؤتمن على هذا السرّ أميرالمؤمنين عليهالسلام ، ثمّ أنماه إلى جماعة من بعد ، فكتب حاطب بن أبي بلتعة كتاباً إلى أهل مكّة يطلعهم فيه على سرّ رسول اللهّ في المسير إليهم ، وأعطى الكتاب امرأة سوداء وأمرها أن تاخذ على غير الطريق.
فنزل بذلك الوحي ، فدعا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أمير المؤمنين عليهالسلام وقال : «إنّ بعض أصحابي قد كتب إلى أهل مكّة يخبرهم بخبرنا ، والكتاب مع امرأة سوداء قد أخذت على غير الطريق ، فخذ سيفك والحقها وانتزع الكتاب منها» وبعث معه الزبير بن العوّام.
فمضيا على غير الطريق ، فادركا المرأة ، فسبق إليها الزبير وسألها عن الكتاب فانكرته وحلفت أنّه لا شيء معها وبكت ، فقال الزبير : يا أبا الحسن ما أرى معها كتاباً ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : «يخبرني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ معها كتاباً ويأمرني بأخذه منها وتقول أنه لا كتاب معها»!
ثمّ اخترط السيف وقال : «أما والله لئن لم تخرجي الكتاب لأكشفنّك ثمّ لأضربن عنقك ».
فقالت له : إذا كان لا بدّ من ذلك فاعرض يا ابن أبي طالب عنّي بوجهك.
فاعرض عنها ، فكشفت قناعها فاخرجت الكتاب من عقيصتها ، فاخذه
_________
(١) مرّ في صفحة : ٣٦٦ و ٣٧١.