واستجاب دعوتك وكفاك هول من تحزّب عليك وناواك ، فجثا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على ركبتيه وبسط يديه وأرسل بالدمع عينيه ، ثمّ نادى : شكراً شكراً كما آويتني وآويت من معي.
ثمّ قال جبرئيل عليهالسلام : يا رسول الله ، ان الله قد نصرك وبعث عليهم ريحاً من السماء الدنيا فيها الحصى ، وريحاً من السماء الرابعة فيها الجنادل.
قال حذيفة : فخرجت فإذا أنا بنيران القوم قد طفئت وخمدت ، وأقبل جند الله الأوّل ريح شديدة فيها الحصى ، فما ترك لهم ناراً إلاّ أخمدها ، ولا خباء إلاّ طرحها ، ولا رمحاً إلاّ ألقاها ، حتّى جعلوا يتترسون من الحصى ، وكنت أسمع وقع الحصى في الترسة ، وأقبل جند الله الأعظم ، فقام أبو سفيان إلى راحلته ثمّ صاح في قريش : النجاء النجاء ، ثمّ فعل عيينة بن حصن مثلها ، وفعل الحارث بن عوف مثلها ، وذهب الأحزاب.
ورجع حذيفة إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأخبره الخبر ، وأنزل الله على رسوله (اذكرُوا نعمة الله عَلَيكُم إذْ جاءَتْكُم جنودٌ فأرسَلْنا عَلَيهم رِيحاً وجُنوداً لَم تَروها)(١) إلى ما شاء الله تعالى من السورة (٢).
وأصبح رسول الله بالمسلمين حتّى دخل المدينة ، فضربت ابنته فاطمة غسولاً حتى تغسل رأسه ، إذ أتاه جبرئيل على بغلة معتجراً (٣) بعمامة بيضاء ، عليه قطيفة من استبرق معلّق عليها الدرّ والياقوت ، عليه الغبار ، فقام رسول
__________________
(١) الاحزاب ٣٣ : ٩.
(٢) الكافي ٨ : ٢٧٧ | ٤٢٠ ، تفسير القمي ٢ : ١٨٦ ، وانظر : سيرة ابن هشام ٣ : ٢٤٢ ، والطبقات الكبرى ٢ : ٧٤ ، وتاريخ الطبري ٣ : ٥٨٠ ، ودلائل النبوة للبيهقي ٣ : ٤٤٩ ، والكامل في التاريخ ٢ : ١٨٤.
(٣) الاعتجار : لف العمامة دون التلحي «لسان العرب ٤ : ٥٤٤».