يخبره به وقتاً وقتاً.
وخاف هانئ بن عروة على نفسه من عبيدالله بن زياد ، فانقطع عن حضور مجلسه وتمارض ، فقال ابن زياد : مالي لا أرى هانئاً؟ فقالوا : هو شاك ، فقال : لو علمت بمرضه لعدته ، ودعا محمد بن الأشعث وأسماء بن خارجة وعمرو بن الحجاج الزبيدي فقال لهم : ما يمنع هانئاً من إتياننا؟ فقالوا : ما ندري وقد قيل : إنّه يشتكي ، قال : قد بلغني أنّه يجلس على باب داره فالقوه ومروه ألاّ يدع ما عليه من حقّنا.
فأتوه حتّى وقفوا عليه عشيّة ـ وهو على باب داره جالس ـ فقالوا : مايمنعك من لقاء الأمير؟ فقال لهم : الشكوى تمنعني من لقائه ، فقالوا له : قد بلغه أنّك تجلس على باب دارك عشيّة وقد استبطاك ، فدعا بثيابه فلبسها ، ودعا ببغلته فركبها ، فلمّا دخل على ابن زياد قال : أتتك بحائن رجلاه (١)والتفت نحوه وقال :
اُريدُ حِباءَهُ (٢) ويُريدُ قتلي |
|
يرَكَ مِن خَليلكَ مِن مُراد(٣) |
فقال هانئ : وما ذاك أيّها الأمير؟ قال : ما هذه الاُمور التي تربصّ فيدورك لأمير المؤمنين وعامّة المسلمين ، جئت بمسلم بن عقيل فأدخلته دارك وجمعت له الرجال والسلاحِ قال : ما فعلت ذلك ، قال : بلى.
ثمّ دعا ابن زياد معقلاً ـ ذلك اللعين ـ فجاء حتّى وقف بين يديه ، فلمّا راه هانئ علم أنّه كان عيناً عليهم وأنّه قد أتاه بأخبارهم فقال : اسمع منّي
_________
(١) مثل يضرب لمن يسعى إلى مكروه حتى يقع فيه. «جمهرة الأمثال للعسكري ١ : ١١٩| ١١٤ » ، والحائن : الهالك. «لسان العرب ـ حين ـ ١٣ : ١٣٦».
(٢) في نسخة «ق » : حياته.
(٣) البيت لعمرو بن معدي كرب أنظر : كتاب سيبويه ١ : ٢٧٦ ، الأغاني ١٠ : ٢٧ ، العقدالفريد ١ : ١٢١ ، جمهرة اللغة ٦ : ٣٦١.