فاشتراه بعشرة دنانير ، وكان فيه ماء مستنقع ، فأمر به رسول الله فسيل ، وأمر باللبن فضرب ، فبناه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وحفره في الأرض ، ثمّ أمر بالحجارة فنقلت من الحرّة ، وكان المسلمون ينقلونها ، فأقبل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يحمل حجراً على بطنه ، فاستقبله اُسيد ابن حضير فقال : يا رسول الله أعطني أحمله عنك.
قال : «لا ، اذهب فاحمل غيره».
فنقلوا الحجارة ورفعوها من الحفرة حتّى بلغ وجه الأرض ، ثم بناه أوّلاً بالسعيدة لبنةً لبنةً ، ثمّ بناه بالسميط (١) ، وهو لبنة ونصف ، ثمّ بناه بالاُنثى والذكر لبنتين مخالفتين ، ورفع حائطه قامة ، وكان مؤخّره [ذراع] في مائة ، ثمّ اشتدّ عليهم الحرّ فقالوا : يا رسول الله لو أظللت عليه ظلاً ، فرفع صلىاللهعليهوآلهوسلم أساطينه في مقدم المسجد إلى ما يلي الصحن بالخشب ، ثمّ ظلّله وألقى عليه سعف النخل ، فعاشوا فيه ، فقالوا : يا رسول الله لو سقفت سقفاً.
قال : «لا ، عريش كعريش موسى ، الأمر أعجل من ذلك».
وابتنى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم منازله ومنازل أصحابه حول المسجد ، وخطّ لأصحابه خططاً ، فبنوا فيها منازلهم ، وكلّ شرع منه باباً إلى المسجد ، وخطّ لحمزة وشرع بابه إلى المسجد ، وخطّ لعليّ بن أبي طالب عليهالسلام مثل ما خطّ لهم ، وكانوا يخرجون من منازلهم فيدخلون المسجد ، فنزل عليه جبرئيل عليهالسلام فقال : «يا محمد إنّ الله يأمرك أن تأمر كلّ من كان له باب إلى المسجد يسدّه ، ولا يكون لأحد باب إلىالمسجد إلاّ لك ولعليّ ، ويحلّ لعليّ فيه ما يحلّ لك».
__________________
(١) السميط : الآجر القائم بعضه فوق بعض. «لسان العرب ٧ : ٣٢٤».